ترجمة مقال "Is There a Healthy Way For Students to Use Social Media" للباحث في القضايا الاجتماعية، مايكل فيشر، نقلًا عن مجلة "Greater Good Magazine".
في الخريف الماضي، سألت مدرسة الملنيوم " Millennium School" أولياء الأمور عن أهم مشكلة تواجههم عند التعامل مع أبنائهم في المنزل، والتي يحتاجون إلى مساعدة المعلمين في التغلب عليها، وجاءت في مقدمة طلباتهم الحصول من المتخصصين بالمدرسة على إرشادات حول القواعد والقيود الخاصة، باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي _وسائل الإعلام الاجتماعية_.
لكن المدرسة لم ترغب فقط في إخبار أولياء الأمور والطلاب بما يجب عليهم فعله، وكانت استجابتها متمثلة في استحداث نظام، متعدد المستويات قائم على البحث ومهاراته باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد تطبيق النظام لمدة ستة أسابيع، أظهر الطلاب نتيجة تعلمهم من خلال تقديم إرشاداتهم الخاصة للاستخدام الصحيح لهذه المواقع.
واستطاع الطلاب بعد هذا التدريب تطبيق بعض القيم، مثل احترام الآخرين والسلامة والرفاهية، ووضع الحدود المناسبة للتعامل مع الأخرين، واستندت الفكرة إلى إشعار الطلاب بالمسؤولية الاجتماعية وأهمية استخدامهم الصحيح لتلك المواقع.
وتضمن النظام تنظيم ندوة لتبادل الأدوار يحضر فيها أولياء الأمور والمعلمين، في صالة الألعاب الرياضية بالمدرسة، ويستمعون إلى كل ما يحتاج الطلاب قوله، وتمت هذه الندوة على عكس المعتاد، فعادةً ما يكون الأشخاص البالغين هم من يقدمون التحذيرات للطلاب ويوصون بإرشادات للاستخدام الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي.
فوائد لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي
بغض النظر عن الدور السياسي الحالي الذي يحيط بمواقع التواصل الاجتماعي وتأثيره مجتمعياً، فإن آثار استخدام هذه الوسائل على الشباب مازالت موضع جدل لأنها جديدة نسبياً على المجتمعات، وتؤكد بعض الأبحاث العلمية أن استخدام الهواتف الذكية على نطاق واسع بين المراهقين يعزز السلوك المعادي للمجتمع والإدمان.
كما قالت الباحثة لورا غراي بجامعة نيوكاسل، إن إنكار مميزات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أمر غير مقبول، موضحة أنه يساعد في تطوير التفكير النقدي ومهارات أخذ الأفكار واكتساب المهارات، كما أكدت هى وغيرهم من المحللين أن الآباء والمعلمين قادوا إلى شيطنة ما يمكن أن يكون ببساطة وسيلة متطورة للربط الاجتماعي.
وفي الواقع، لا يستطيع معظم الناس في الوقت الحالي تخيل الحياة بدون هاتف ذكي، لذا فأن القلق بشأن مواقع التواصل الاجتماعي مبالغًا فيه ومع ذلك، فإن حقيقة ضرورة عدم القلق من الاستخدام تزداد يومياً، كما أنه بالرغم من ذلك لا يتمتع أي شخص يملك هاتفًا ذكيًا بحصانة إزاء ما يتعرض إليه من أفكار ومعلومات، كما أنه من الممكن أن يتعرض للإدمان الإلكتروني لهذه المواقع.
ورصد الباحث مجموعة من الفوائد التربوية لمواقع التواصل الاجتماعي؛ منها أن هذه المواقع الإلكترونية وسيلة فعّالة في التعارف وعقد الصداقات وتوطيد العلاقات، كما يساهم في نشر الأفكار ومشاركتها مع الآخرين، هذا بخلاف استخدام هذه المواقع بأشكال مختلفة في العملية التعليمية والدراسية، وذلك كله يعمل على توسعة الآفق والارتقاء بالتفكير وتنمية الطالب ثقافياً.
واختتم الباحث محور فوائد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أن الجميع يناضل بدرجات متفاوتة لتحقيق التوازن بين الاستخدام المفيد لهذه المواقع وبين عدم التعرض للتأثيرات السلبية عنها، بالإضافة إلى ضروة متابعة سلوك واهتمامات الاطفال على الإنترنت بالنسبة للأطفال، وذلك لأن أجسامهم وعقولهم لا تزال تتطور.
ماذا قال طلاب المدرسة لمعلميهم وأولياء أمورهم في كلمتهم بالندوة؟
خاطب الطلاب جمهور من زملائهم في الصف السادس والرابع وأولياء الأمور والمعلمين، وعرض الطلاب مجموعة من الصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تبث الكثير من الرسائل الغير مباشرة والتي تؤثر على سلوك الطلاب وأفعالهم، مثل صورة لطفل يأكل بطريقة غير آدمية ويعبر عن سعادته، مما يرسخ سلوك غير جيد وفق تعليق الطلاب عند تناول الطعام.
وقدم الطلاب عرضهم متسائلين للحضور، "ما هى الطرق للبقاء بصحة جيدة وشخصية سوية أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام الاجتماعية؟"، كما وصف الطلاب هذه التحديات، مؤكدين أن الكثير من الصور والإعلانات عبر هذه المواقع تهدف إلى رسائل معينة قد تتعارض مع قيم أو أسس مجتمعية ينشأ عليها الطلاب، كما قام الطلاب بتوضيح مخاطر التسلط عبر الإنترنت.
وأشار الطلاب إلى أن مواقع التواصل لها فوائد مختلفة منها دعم الأعمال التطوعية، مما يؤدي إلى زيادة الأعمال الخيرية في المجتمع، وتحسين الأوضاع المعيشية للأشخاص، وتحسين مختلف الأوضاع التي تحيط بمختلف الأفراد.
وقال الطلاب إن هذه المواقع تساعد على نشر التوعية المجتمعية، من خلال حملات التوعية التي تقوم بها الجهات المعنية في الدول، أو التي قد يقوم بها بعض الأفراد الذين عانوا لفترة من مشكلة معينة، حيث يؤدي ذلك الأمر إلى زيادة وعي المجتمع من المخاطر والأضرار التي قد تلحق به نتيجة تفشي ظاهرة معينة.
كما تقرب المشاهير من أدباء، وعلماء، وكتاب، وساسة، وفنانين، وعلماء دين، وغيرهم من الجماهير العريضة التي يحبهم الناس منهم، وتنتظر ما يصدر عنهم لحظة بلحظة، مما يؤدي إلى زيادة شعبيتهم، وإتصالهم بهذه الجماهير، وبث الأفكار التي يودون بثها بشكل أوضح وأكثر فاعلية.
ويمكن من خلال هذه المواقع أن يعبر الإنسان عن كل ما يجول في خاطره من أفكار، في ظل تنوع طرق التعبير عن الآراء والتوجهات والأفكار، فمن الممكن أن يعبر الإنسان عن رأيه من خلال تسجيل مقطع فيديو أو من خلال الوسائل الأخرى المتعددة، كالكتابة والتسجيلات الصوتية.
وبعد انتهاء هذه المجموعة من العرض التقديمي، شارك الجمهور مجموعات نقاش صغيرة يقودها الطلاب، ويقوم طالبان في كل مجموعة بطرح أسئلة وتتبع المحادثة وجمع التعليقات، وكان هذا النشاط على الأرجح نقطة دخول إضافية إلى العديد من المناقشات العائلية المستقبلية حول التكنولوجيا واستخدام هذه المواقع.
وتابع الباحث أنه لا أحد يعرف المدى الكامل لكيفية تأثير الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي، أو كيف سيؤثر على الطلاب والشباب في الوقت الحالي، مستكملاً: "أقل ما يمكننا القيام به هو البحث بين الحين والأخر عن كيف يمكننا أن نفعل ما هو أفضل، فطلاب المدرسة واجهوا الأدلة من حولهم، فعلوا ذلك في الآونة الأخيرة بشجاعة وصراحة".
وأكد أنه بالرغم من ذلك بعد انتهاء التجربة وتطبيقها لمدة ستة أسابيع، لاحظ المعلمون أن الكثير منها لا يزال مدمنًا على هواتفهم، وغالبًا ما يكون ذلك في أوقات غير مناسبة لاستخدام هذه المواقع.
واختتم مقاله أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي الصحيح لن يحدث من تلقاء نفسه، ولكن يمكن أن تظهر كأخلاق مشتركة عندما يتحدث المستخدمين عن ذلك؛ مزيد من المحادثات بين الأطفال والآباء والأمهات، وبين الطلاب ومعلميهم، وإلغاء فكرة تحكم الأخريين في التكنولوجيا ووضعها مرة أخرى في أيدي الناس من المفترض استخدامها، مضيفاً: "الأمر متروك لنا للإلتزام بما نقوله ونعلمه من قواعد الاستخدام".
اقرأ أيضًا :
هل سيحل التعلم الإلكتروني محل الفصول الدراسية التقليدية؟ "مترجم"