انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سامح خليل
05 نوفمبر 2014
11173

تتولد في مستشفى مستواها أقل من المتوسط وأهلك يبقوا فرحانين وبتاع...تبدأ حياة كطفل بياكل أكل أقل من المتوسط برضو ومش بيتعلم أي حاجة ليها لازمة ومخه في بداية حياته بيبقى مش بيتعرض لأي نوع من أنواع التطور ودة بسبب البيئة إلي اتحط فيها..تكبر شوية وتدخل مدرسة وتعد في وسط ٥٠ أو ٦٠ طالب بائس زيك كدة وتدرس كلام عفى عليه الزمن من زمان ومناهج عقيمة مش هتعلمك أي حاجة ليها لازمة في حياتك ومن مدرسين اغلبهم عنده عقد نفسية جاي يطلعها على العيال ويبقى مطلوب منك انك تذاكر عشان ترفع راس أهلك اللي هيبقى مصدر فخرهم إن ابنهم أكتر واحد بيعرف يحفظ وسط صحابه ويا له من إنجاز..ولو كنت إبن ناس شوية هتدخل مدرسة خاصة وتفتكر انك كدة بتتعلم أحسن من غيرك يعني وكدة. في وسط كل دة إنت لما بتتعب بيدوك مضاد حيوي كأنه عصير تفاح كدة ولو أهلك مش ميسوري الحال بتشوف الذل في مستشفيات الحكومة ودة كله وإنت لسة عيل صغير..ولو عايز تمارس رياضة مش قدامك غير شارع بيتك أو مركز شباب معفن مافهوش مقومات ممارسة أي رياضة..ولو ربنا فتح عليك وعايز تكون مثقف وتقرا هتلاقي الناس بتقولك تقرا كتب المدرسة أحسن عشان "هي ديه اللي هتفيدك"..

تكبر شوية وتبقى مراهق بقى ويحصلك تغيرات بس بسبب التربية اللي إنت طلعت بيها مافيش غير صحابك اللي إتربوا زيك تقدر تتكلم معاهم في مواضيع تسمى يعني انها حساسة ويحصل عملية تشويه بسبب انك في الأخر بتاخد كلام من ناس مش عارفة أي حاجة..ودة بيبقى متزامن مع دخولك مرحلة الثانوية دراسياً يعني ويبقى مطلوب منك تتخلى عن حاجات كتير كانت مهمة في حياتك في سبيل انك تجيب المجموع المنشود وتدخل الكلية "القمة" اللي ممكن جداً تكون مش متوافقة إطلاقاً مع ميولك أو قدراتك بس لازم تدخلها عشان أبوك وأمك يفرحوا بيك ويغيظوا أم أحمد جارتكم...في هذه المرحلة برضو بيبدأ يكون كلام وعلاقة بشكل أو بأخر مع زمايلك من الجنس الناعم وديه كمان من الحاجات اللي بتخضع لكلام صحابك عشان بتبقى سر من أسرارك عشان احنا "شعب متدين بطبعه"..

تنتهي مرحلة الثانوية بقرفها ويبدأ فصل جديد من حياتك كانسان أو شبه إنسان مصري وطالب في الجامعة...لو ربنا أراد وجبت المجموع المنشود ودخلت الكلية "القمة" فطبعاً بيتعملك فرح ولا كأنك خدت جايزة نوبل و-"حط رجلك في الكلية بس وبعد كدة اعمل اللي إنت عايزه انشالله تاخد السنة في سنتين" تتحول "شد حيلك بقى وهات تقدير عشان نفرح بيك يا باشمهندس/دكتور" ويبدأ نوع جديد من التعليم العقيم المتخلف اللي غالباً مش هتشتغل بيه أصلاً بعد التخرج بس لازم تمر بيه عشان تاخد "الشهادة"..ولو جبت مجموع مش عالي أوي طبعاً بيتم إحباطك وتسويد الدنيا في وشك وإن ديه خلاص نهاية مستقبلك وانك كدة خلاص ضعت..أو تكون إبن ناس شوية فتدخل جامعة خاصة..في المرحلة ديه بتبقى بدأت تكون رأي إلى حدٍ ما متزن عن الواقع اللي حواليك وبتوصل لإستنتاج إنه واقع قذر عامةً بس هو شر لا بد منه عشان الإنتحار حرام وكبيرة من الكبائر..لو ربنا أراد ممكن تحصل ثورة فتبدأ يتجدد أملك تاني في الواقع اللي حواليك بس في الأغلب الثورة ديه هيتم سرقتها وهتبقى مصدر شقاء ليك بسبب اشتراكك فيها وايمانك الساذج بإن الواقع القذر دة ممكن يتغير...طبعاً من تبعات شيء مثل الثورة انك يكون ليك صحاب كنت بتشوفهم كل يوم بكل بساطة ماتوا وتلاقي نفسك ماشي في جنازتهم وبتصلي عليهم ولو مماتوش في مظاهرة حيموتوا في حادثة على أحد طرق هذا البلد القذر..طبعاً إنت في وسط كل دة بيبدأ احتكاكك الحقيقي بالحياة بكل قرفها وبتبدأ تشوف وتعرف حاجات إنت كنت بتسمع عنها بس ماكنتش متخيل انها بالبشاعة ديه..زي دكتور الجامعة اللي هيذلك على شوية درجات..والمواصلات العامة اللي عاملة زي علب التونة..وانك تحب واحدة بجد والموضوع يبوظ لأي سبب من الأسباب..أو انك تبقى مدخن وتقرر تبطل..أو انك يموتلك حد/أكتر من حد من الناس اللي بتحبها..أو انك تسقط في سنة من سنين الكلية..أو أو أو حاجات كتير...


بعد الجامعة تدخل الجيش وتنسى كل حاجة إنت إتعلمتها في سنة حتشوف فيها معاملة أسوأ من معاملة الحيوانات وهتطلع من الجيش تبدأ رحلة البحث عن شغلانة تعيش منها وديه طبعاً رحلة هيطلع فيها عينك وحتشوف فيها الويل وحتشوف غيرك اللي مش عارف حاجة ولا عمل حاجة في دنيته بيشتغل عشان أبوه فلان الفلاني اللي يعرف فلان وفلان التاني وإنت عشان مالكش ضهر لازم يطلع عينك..المرحلة ديه ممكن تتزامن مع انك تكون مرتبط وأهل البنت طبعاً عندهم قائمة من الطلبات ليس لها أول ولا أخر وتتحول الجوازة إلى عملية تجارية بحتة أكتر من أي شيء تاني وممكن تبوظ كلها بسبب عدم قدرتك كبني آدم طبيعي انك تحقق كل شيء مطلوب منك أو بسبب إن البنت مش مستحملة الضغط اللي عليها من أهلها عشان في واحد تاني "جاهز" وموجود وطبعاً ساعتها الإنتحار لا حرام ولا هو كبيرة من الكبائر..لو ربنا كرمك واشتغلت في الحكومة فإنت هيبقى مطلوب منك انك تتخلى عن أي نوع من أنواع المبادئ اللي إنت قد تكون مؤمن بيها وتسكت على حاجات كتير إنت عارف انها غلط عشان عدم سكوتك قد يكلفك وظيفتك..أو حياتك..وفي الواقع القذر دة وظيفتك هتكون أهم من حياتك عشان حياتك أصلاً مالهاش قيمة..
بدايةً من مرحلة الجامعة كدة ومروراً بكل التطورات ديه هتتحول لكائن راسم إبتسامة عريضة على وشه لكنه مشوه داخلياً وعنده عقد نفسية ومشاكل مش بيحكيها وغالباً محتاج علاج نفسي وبيعاني من كرب ما بعد الصدمة..أي صدمة فيهم يعني أو كلهم..وإكتئاب حاد..ودة كله جزء بسيط جداً من واقع قذر ومشوه بيعيشه المصري ال-average وقد يكون أسوأ من كدة بكتير وقد في بعض الأحيان يكون أحسن من كدة بكتير..وديه كانت محاولة متواضعة لتلخيص جزء منه.
ويبقى بعد كل دة انك لما تبدا تعبر عن رغبتك في انك تسيب هذه المكان دة اللي بيسموه وطن وتهاجر إلى بلد تانية بتحترم البني آدمين تلاقي ناس بتقولك الوطن مش فندق وكلام أهبل كدة مالوش معنى..فندق إيه..ياريته كان فندق...هو أنا عشان اتولدت في مكان لا يحترم آدميتي يبقى أفضل عايش فيه واسميها وطني؟ 

الفكرة في حد ذاتها إن الجنسية والدولة القومية ديه شيء من إختراع البشر أصلاً فبالتالي أنا لست ملزم به. وبما إن الكلام عن الجنسية والوطنية وكدة ففي فكرة حساسة كدة بتيجي في بالي؛ ما هي مدى أخلاقية التنازل عن الجنسية كمبدأ؟ وأنا هنا لا ادعو للفكرة أو أهاجمها؛ أنا اتحدث عن المبدأ. ناخد مثال، لو سمعنا عن مواطن إسرائيلي قرار أن يتنازل عن جنسيته نظراً لأنه لا يتشرف بالإنتماء لكيان أو دولة تمارس القمع والقتل تجاه الشعب الفلسطيني طبعاً هيكون رد فعل معظم الناس التهليل والفرحة المبالغ فيها تحت زعم إن دة إنجاز رهيب للمقاومة وفضيحة عالمية لإسرائيل. يبقى في الجزئية ديه مافيش إختلاف على تقبل معظمنا للموضوع دة وفرحتنا بيه. ولكن لو سمعنا عن مواطن مصري عايش مثلاً في ألمانيا وقرار أنه لا يشرفه أن ينتمي لدولة تمارس القمع والقتل والإعتقال ضد مواطنيها؟ هل هنا هيكون موقفنا مماثل؟ لو اجابتك بالنفي يبقى إنت عندك إزدواج حاد في معاييرك ولازم تراجع نفسك. ضيف على دة ديماً اننا بنتكلم عن حرية العقيدة والدين، يبقى بالمنطق دة اختر جنسيتي وانتمائي برضو.

ثم إن ربنا نفسه قال إن أرض الله واسعة، والأنبياء معظمهم هاجر بصورة أو بأخرى حتى سيدنا محمد، يبقى ليه يقال على الهجرة خيانة؟ وليه يبقى عندي تعصب تجاه مكان لمجرد اني اتولدت فيه مش أكتر من كدة؟

في النهاية..أنا لست ضد أي شخص مؤمن بكل ما سبق إطلاقاً؛ أنا فقط ضد الأفكار ولكلٍ الحرية في إعتناق ما يشاء.

سلامو عليكو

 

 

تعليقات