انشاء حساب



تسجيل الدخول



الطلاب: "تغيير سياسة القبول بالجامعات تدفع المجتمع لسياسة عدم المساواة"

صورة لأحد المعتصمين بجامعة السوربون
كتب بواسطة: هدير رجب
07 أبريل 2018
2998

مترجم- الجارديان

 

بعد مرور أكثر من 50 ساعة على وضع الحواجز في مبنى كليتها الواقعة في جامعة بشمال باريس، قالت "كاميل" صاحبة الـ20 عامًا أنها متعبة ولكنها مصممة.

 

ليلًا ونهارًا استمر طلاب الجامعات الفرنسية في اعتصام داخل قاعة المحاضرات بكل مبنى، يتناوبون مع بعضهم البعض ليناموا على الأرض في البرد القارس، وهم يحرسون الحاجز المؤقت المصنوع من أكوام من الكراسي بمبنى أعضاء هيئة التدريس.

كانت "كاميل" أحد عشرات طلاب الفنون الذين يحتجون على قرار رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون بإدخال متطلبات الدخول الأكثر انتقائية للقبول بالجامعات، وتسببت هذه الاحتجاجات في آثارت غضب حكومة "ماكرون" حيث تزامنت أيضًا مع إضرابات موظفي السكك الحديدية في أول اختبار حقيقي لـ"رؤية ماكرون" التي بدأها عند توليه رئاسة فرنسا وهي تأييده الكامل لقطاع رجال الأعمال لإعادة تشكيل الاقتصاد الفرنسي، بجانب تخفيف قواعد العمل في قطاع الدولة.

 

"لدي كتاب عن أدب القرون الوسطى في حقيبتي.. سأحاول إنهاءه في أوقات فراغي"؛ بهذه الكلمات علق "كاميل" طالب من الطبقة العاملة في كلية الفنون بجامعة السوربون بشمال باريس على استمرارهم في الاعتصام حتى يتراجع "ماكرون" عن قراره.

واستكملت "نحن لسنا كسالى أو متخاذين عن العمل لكننا نقف فقط ضد تغييرات ماكرون في عملية القبول بالجامعة"، مضيفة "كافة إصلاحات إيمانيول ماكرون حتى الآن تدور حول التخلص من نموذج المساواة الاجتماعي الفرنسي، وتخفيف العمالة بالقطاع العام وهو بذلك غير عادل ويخلق عدم مساواة وفجوة كبيرة في المجتمع".

 

وأكدت "كاميل" أن هناك أمور أخرى تجعل الطلاب يشعرون بالغضب اتجاه "ماكرون" مثل موقفه الصعب من الهجرة، بجانب أن هناك شعور متزايد بالغضب اتجاهه من عدة جهات، مثل عمال السكك الحديدية الذين قرروا الاعتصام يوم الأربعاء الماضي بعد 3 أشهر من الهجمات الإرهابية، وذلك بسبب التغييرات التي اقترحها على السكك الحديد الفرنسية "SNCF"؛ حيث يسعى إلى إلغاء الوضع الخاص بالعاملين وفتح القطاع للمنافسة وتحويل الشركة إلى المساهمة مما يدفعها إلى الخصخصة في المستقبل.

ومن جانبها، بررت الحكومة الفرنسية هذه الأوضاع بأنه القرار للإصلاح حيث وصلت الديون على شركة السكك الحديدية 46.6 مليار يورو بنهاية 2017، مشيرة إلى ضرورة تحديث قطاع السكك الحديدية وفتح المجال أمام قطاع الأعمال.

 

وانضم المتظاهرون من الطلاب إلى النزاع؛ حيث كثفوا تظاهرتهم واعتصامهم الذي استمر لأسابيع ضد التغييرات في شروط الالتحاق بالجامعات، وتسبب الاعتصام في تعطيل الدراسة في 12 مؤسسة لكن تم فض اعتصام جامعة مونبلييه من قبل مجموعة من الملثمين بالعصى والخفافيش في الشهر المنصرف، لكن انضمت كليات أخرى إلى الاحتجاج اعتراضًا على سياسة قمع التعبير عن الرأي.

 

وفي مساء الأربعاء الماضي؛ طاردت الشرطة الفرنسية 100 طالب من المعتصمين في جامعة ستراسبورج، كما شهدت المدن الواقعة بين مدينة نانت وتولوز مظاهرات طلابية عديدة، وكانت كلية clignancourt هي الحرم الجامعي الوحيد في جامعة السوربون المتأثر بهذه التظاهرات، ووصلت الاعتصامات إلى حجب موقع جامعة باريس توباك.

وفي سياق متصل، قالت الحكومة الفرنسية إنها ستواجه كافة الإضرابات والتظاهرات هذا الأسبوع، مشيرة إلى أن المتظاهرين الطلاب ماهم إلا أقلية، ومن جانبه قال رئيس الوزراء إدوارد فيليب إنه متيقظ للغاية بسبب اعتصامات الطلاب، وألقى اللوم على اليسار المتطرف في إشعال الموقف وغضب الطلاب، منتقدًا العبارات المسيئة التي دونها الطلاب على جدران مباني أعضاء هيئة التدريس بمختلف الجامعات.

 

وأكد أن امتحانات نهاية العام الدراسي لن يتم إلغاءها وسيؤديها الطلاب بكل الجامعات الفرنسية، خاتمًا حديثه أنه يدين كافة أعمال العنف والتخريب من أي جانب.

 

وفي سياق آخر، دعت الاتحادات والنقابات الفرنسية والبعض من الحزب اليساري الطلاب والعاملين بالسكك الحديد إلى عقد لقاء لمقاومة سياسة "ماكرون"، في محاولة منهم لإعادة إحياء الحركة الديمقراطية التي قدها الطلاب والعمال معًا في مايو 1968؛ حيث تكاتفت هذه القوى ونظمت إضراب عام في المصانع والجامعات واعتصامات عنيفة انتهت بحل البرلمان الفرنسي وتحجيم حرية الرئيس الفرنسي حينها شارل ديجول، لتكون هذه الحركة الأولى من نوعها في البلاد.

 

"بصراحة الوضع الآن مختلف تمامًا عن مايو 1968"؛ قال "إيدي" صاحب الـ19 عام وطالب علم الاجتماع المشارك في إضراب الطلاب بباريس، موضحًا أن اعتصامات 1968 كانت تدور حول شكل المجتمع الفرنسي، ولكن اعتصامهم يدور حول النظام الاجتماعي الفرنسي وحماية القطاع العام من الوقوع في يد سلطة رجال الأعمال والخصخصة.

وعللت الحكومة الفرنسية تغييراتها في إجراءات الدخول والقبول بالجامعات على أنها ضرورية لإصلاح المشكلات الكثيرة، حيث يحق لكل طالب فرنسي ممن اجتازوا امتحان الثانوية الالتحاق بجامعة في نطاق سكنه، وهو الأمر الذي جعل تخصصات كالقانون وعلم النفس تشهد التحاق الكثيرين من الطلاب بشكل مفرط، وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور "مسألة الحظ" في الالتحاق بالكليات في المناطق التي تحظى بأعداد كبيرة من الطلاب.

 

وفي ظل التغييرات التي أجرتها حكومة إيمانويل ماكرون والتي تم تمريرها في شهر فبراير الماضي، فأنه سيتم إلغاء الحظ في دخول الجامعات الفرنسية، وسيتم السماح للجامعات التي تشهد كثافة طلابية باختيار ملتحقيها على أساس الجدارة

 

وقالت الحكومة إن نقص التخصص في المدارس الثانوية وعدم القدرة على اختيار الطلاب أدى إلى ارتفاع معدل التسرب من الجامعات، حيث أن 60% من الطلاب في فرنسا لا ينهون عامهم الأول في الجامعة، فالقانون الجديد يختلف عن النظام البريطاني في نوع الاختيار الشامل، ومع ذلك فبعض الطلاب يجادلون بأنه يهدد تقاليد فرنسا في التعليم الجامعي المساوي للجميع، كما يرون أن هذه التغييرات بمثابة هجوم وبداية لإلغاء المساواة.

"الجامعات الفرنسية تعاني من نقص التمويل والقواعد الجديدة لن تساعد في تفاقم عدم المساواة"؛ هكذا قالت طالب علم الاجتماع البالغ 28 عام في اعتصام جامعة كليغنكور، مؤكدًا أن الحكومة بدأت الشعور بالخوف من الحركة الطلابية، قائلًا "أسابيع قليلة حتى انتهاء الاختبارات ونهاية الفصل الدراسي، لدينا فترة قصيرة لتصعيد مطالبنا لذلك لا يمكننا التراجع".

 

ويُذكر أن هذه التظاهرات ليست الأولى من نوعها ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث شهدت فرنسا في شهر أكتوبر العام المنصرف تظاهرات نظمتها نقابات القطاع العام بالإضافة إلى سلسلة من الإضرابات؛ اعتراضا على التعديلات التي اعتمدتها الحكومة حينها والمتعلقة بالقطاع العام، حيث ألغيت الحكومة حينها عمل 120 ألف مركز من الوظائف الحكومية وتستمر لمدة 5 سنوات من أجل توفير الأموال على خزينة الدولة، كما قررت تجميد عدد من التعويضات الحكومية.

 

واعترضت نقابات القطاع العام على المعايير الجديدة التي اتخذتها الحكومة، والتي ستطال أكثر من خمسة ملايين موظف حكومي، معتبرة أن تلك الإجراءات ستؤثر سلبًا على مستوى معيشة المواطنين، لذلك خرجوا فيما يقرب من 130 مظاهرة لرفض هذا الوضع.

 

 

رابط المقال الأصلي على موقع الجارديان
 

 

اقرأ أيضًا :

بالصور.. احتجاجات طلاب أكاديمية المستقبل لمقتل زميلهم

 


تعليقات