انشاء حساب



تسجيل الدخول



الثورة

مظاهرات أمام جامعة القاهرة ديسمبر 2013
كتب بواسطة: محمد عبد اللطيف
21 أغسطس 2016
12896

الثورة (2)

1) اندلعت الثورة بعد انتهاء امتحانات الترم الأول، واذكر جيدا ذهابي مع الأصدقاء إلي وسط البلد وكيف رفض أمن المتحف المصري دخولنا بحجة أن هناك طلبة يدرسون الآن!

كان ذلك يوم الأربعاء أو الخميس لا أتذكر تحديدًا، قبيل جمعة الغضب؛ سيارات الأمن المركزي في كل مكان، العساكر شبه نيام والضباط بداخل العربات لا يختلف حالهم عن مجنديهم.

في ذلك اليوم شاهدنا فيلم "فاصل ونعود" وركبنا من ميدان عبد المنعم رياض إلي سكن الطلاب بالحي العاشر كانت الشوارع خالية علي غير العادة يوجد الكثير من التجمعات الصغيرة من الشباب في كل مكان وعند وصولنا إلي بيت الطلاب كان حارس السكن أغلق الباب بالقفل وأخبرنا بنبرة خانقة بأن جميع الطلاب سافروا ولم يتبقى غيرنا.

فأحضرنا حقائبنا وتناولنا البيتزا بإحدى المطاعم القريبة من السكن وركبنا تاكسي إلي موقف الماظة، كان الموقف خالي والأتوبيس غير ممتلئ كعادته في أخر أيام الأسبوع.

 

2) بعد جمعة الغضب وما تلاها من أيام أجازة منتصف العام، وتولي المجلس العسكري الحكم ظهر العديد من الحركات والأحزاب، والخلاف بين أسبقية الدستور أم الانتخابات، ومرشحين الرئاسة وبرامجهم؛

كان التيار المسيطر في جامعة الأزهر تيار الإخوان وتيار السلفيين وبين هذا وذاك تم تأسيس حركة طلاب مصر القوية، ليكون انضمامي لها فيما بعد تحول كبير في شخصيتي وبداية معرفتي بالعمل العام.

كانت الجامعة مختلفة تماما بعد الثورة، فلا يوجد حرس جامعي ولا طوابير دخول، كانت النشاطات في كل مكان، وبدأ انتشار الأسر الطلابية، بالطبع معظمها إن لم يكن كلها يتبع السلفيين والإخوان.

لتواجه حركة طلاب مصر القوية تلك التيارات ما بين تخوين وتكفير، ولكن تلك الحركة فيما بعد ستصبح نواة التيار المدني داخل الجامعة، لأول مرة في تاريخ جامعة الأزهر بعد سيطرة التيارات الدينية.

 

3) وفي ظل الانفلات الأمني وبعد تحقيق المخلوع لتهديده"أنا أو الفوضى"لم يكن من الغريب أن تدبر تلك الحادثة الدموية ببورسعيد.

كنت أنوي حضور المبارة، ولكن ما منعني وصولي متأخرًا من السفر والإرهاق، وفي نفس التوقيت كانت مباراة الزمالك، لا أتذكر جيدًا مع من، ففضلت أن أتابع المباراتين من المنزل؛

ابن عمي وشقيق صديقي كانوا بالمباراة يشجعون الأهلي، وعندما حدث ما حدث، نجا ابن عمي بصعوبة بعد خلعه لتيشيرت الأهلي وتهريبه بسيارة الإسعاف، ولم ينجو شقيق صديقي"أحمد الشابوري"كما لم ينجوا 74 مشجع أخر!

لم يكن الذهاب إلى القاهرة سهل على البورسعيدية، وأُغلق منزل الطلاب بالحي العاشر لفترة، بعد كثير من التهديدات والسباب المكتوب على الحائط.

كنت الوحيد البورسعيدي في دفعتي، ولكن في الحقيقة لم ينالني أي إساءة من زملائي فهم يعرفونني جيدًا، ولم أكن خائف من ذكر بورسعيديتي، رغم أنه كاد في مرة أن يتسبب في مشكلة.

بالأتوبيس العام تجلس فتاتان على كرسي، وهناك ثلاثة من الشباب يبدوا من لهجتهم أنهم من الصعيد، ذهب أحدهم وحشر مؤخرته بجوارهم، وعندما اعترضت رد علي ببعض الكلام الأحمق مثل هما تبعك؟ هما اشتكوا لك؟ أنت مالك؟ في الحقيقة هم لم يشتكوا، ربما من الخوف!

ربما، وسألني ذلك الشاب مع حاشيته، أنت منين؟ وعندما قلت بورسعيد، قال: "إحنا ممكن ندفنك هنا ولا حد هيحوش عنك، ده انتوا موتوا الناس هناك" لم يكن هناك طاقة للجدال أو الدفاع، نزلوا من الأتوبيس ولم تتركني نظراتهم الممتلئة بالكراهية التي لم تتبدد إلى الأن!

 

4) لا أعرف ماذا كان بعقلي عندما تقدمت بأوراقي إلى الكلية الحربية للمرة الثانية، ولكلية الشرطة للمرة الأولى.

في المرة الأولى بالنسبة للكلية الحربية كانت قبل الثورة، وفي المرة الثانية كانت بعد الثورة، وأنا بالفرقة الثانية بالكلية، ولم أكمل إجراءات التقديم بسبب التعنت المقصود، فقد قيل صراحة لنا"الثورة برة مش هنا"يقصد خارج أسوار الكلية.

أما كلية الشرطة، رفضت أن أتقدم لها قبل الثورة، وغيرت رأيي بعد الثورة، قالت لي أمي"أنت رايح تقدم بعد لما مابقاش ليهم قيمة خلاص!"

فكان ردي الساذج"إحنا اللي هنعمل ليها قيمة، بس قيمة نضيفة" أضحك من نفسي واسخر منها كلما تذكرت ذلك؛

بالفعل ذهبت لتقديم أوراقي بكلية الشرطة، كنا في رمضان بالعشر الأواخر صليت القيام والفجر بمسجد الفتح. كانت المعاملة لطيفة جدًا!، نعم لطيفة، وقف لواء داخل الكلية يعظم فينا كشباب الثورة، ويجزم بانتهاء عصر الكوسة.

وبالفعل حدث مشادة بينه وبين أحد الوسطاء لتعديه دورنا، سرت في إتمام الإجراءات، إلى أن عرفت بالصدفة، ذلك السبب الطبي الذي منعني من القبول، وإن كان للشرطة شيء طيب يُذكر، فهو معرفتي بذلك السبب.... يتبع 


تعليقات