انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سامح خليل
25 مارس 2015
13004

 

(يؤمن كاتب هذه السطور بكامل الحرية الشخصية لقارئيها وحقهم المطلق في الإختيار، بما تتضمنه من الحق في إعتبار الآتي لا يستحق القراءة، كما يري أن محاولة البحث في أسباب الظاهرة لا يعني بالضرورة التقليل من شأنها أو الإشادة بها أو التعميم بأي شكل، وإنما يتوقف الأمر عند الفهم..فقط).

 

قد يكون المجتمع بأكمله ذكوريا، ولكنه ليس كذلك في كليتي, حيث يجاهد الطالب الذكر للتأكيد علي نوعه والتخلص من شعور الأقلية - خارج أسوار الكلية.  فالأمر ليس نعمة محضة.

"إيــه ده أنتي خسيتي!"
عندما يصل أعداد من حولك من إناث إلي ستة أضعاف نوعك، ستعتاد أذناك علي عدة مصطلحات أو تعليقات من ضمنها تلك المقولة مختلطة بإنبهار – مفتعل أحيانا – ينم عن الإستحسان، خاصة إذا كنت في سنتك الدراسية الأخيرة..

هل الهوس بالوزن أو بالمظهر بشكل عام مرتبط فقط بالسنة الأخيرة للجامعة؟ أم يعود الأمر إلي ما قبل ذلك؟؟
ما الذي أغراني بالبحث في هذا الموضوع من الأساس؟؟
لا أعلم.


إذا قارننا مظهر المرأة حاليا بمثيلاتها في العقود السابقة سنجد أن:


 - في عشرينيات القرن العشرين ومع بوادر ظهور الحركة النسوية امتاز شكل نساء تلك الفترة بالرغبة في المساواة شبه التامة مع مظهر الرجل فتعمدوا إخفاء ما ينم عن أنوثتهم بل لجأوا في بعض الأحيان إلي وضع شريط لاصق حول نصفهم العلوي لإخفاء أي مظهر أنثوي، فكان المظهر السائد هو المظهر الذكوري.

- في الثلاثينيات بدأت المرأة تدرك أن كونها مستقلة لا يعني ذلك أن تبدو ك"فتيان المدارس،" فاهتمت لأول مرة بإختيارات الأطعمة وسعت لإبراز ما لديها. ويمكن أن نعتبر تلك الفترة هي البداية الأولي لحمي "الدايت" وإن تأخر ظهور التمارين المصاحبة لذلك.

- في الأربعينيات وفي خضم الحرب العالمية الثانية، شعرت المرأة بمزيد من الثقة في نفسها ووضعها بين القوي العاملة، إذ ذهب الرجال إلي الحرب وبقيت هي لتعمل. إستغلت ذلك لصالحها فبدأت الأجسام المتناسقة في الظهور، ومن منطلق الحفاظ علي المواد الخام  - قال يعني - ظهرت الملابس القصيرة الكاشفة وأصبحت المرأة أكثر وعيا بجسدها ومظهرها.

- في الخمسينيات..مارلين مونرو..بس.

- يمكن أن نعتبر الستينيات البداية الحقيقية لهوس التنحيف أو ما يعرف بال"Skinny". تغير الإتجاه القائم ليتمحور إهتمام المرأة بمظهرها حول أن تصبح أكثر طولا ورفعا, فبدأت في التخلص من أي مظهر لتكتل الدهون أو العضلات في عودة إلي فترة العشرينيات ومظهرها الذكوري.

- جاءت السبعينيات وكانت حمي التنحيف في أوجها وأصبح حلم معظم الفتيات أن تصل إلي القياس0 ،وتنافس النساء فيما بينهم في النحافة، بل وانتشرت ظاهرة الامتناع عن الطعام للوصول إلي القياس المنشود الذي أصبح مرادفا للجمال والإثارة!

- مع بداية فترة الثمانينيات بدأت الدورة من جديد مع بداية ظهور "الأيروبكس" وساهمت فيديوهات تلك التدريبات لمشاهير المدربين في إرتفاع مبيعات أجهزة الفيديو عالميا. ويمكن إعتبار تلك الفترة هي بداية إهتمام المرأة ب"اللياقة البدنية" والرغبة في إظهار تناسق العضلات مع الإحتفاظ بجمال الجسد الأنثوي.

- امتازت التسعينيات وبدايات القرن الواحد والعشرين بخصوع المرأة للتأثير الشديد من أجهزة الإعلام وأصبح هدف معظمهن الوصول إلي مظهر وشكل عارضات المجلات – اللاتي تتعرض صورهن في معظم الأحيان إلي العديد من التعديلات حتي تصل للمظهر المنشور(د) –  ولجأ معظمهن لل"جيم" في بدايات ظهوره، فأصبح المنطق السائد " نحيفات أو غير ذلك فالمهم أن نصبح كمن نراهم علي صفحات المجلات وعلي الشاشات" !

في الأونة الأخيرة، ومع توافر مصادر الوعي لدي المرأة بمتغيرات الموضة والمظهر عالميا ، أدركت صعوبة أو إستحالة الوصول إلي المظهر المنشود كما تراه علي نجوم الميديا والشاشات، إلا إنها لم تقنع بما لديها وإنما واصلت المحاولة!

بالطبع لايضير الرجل أن تسعي المرأة دوما إلي التحسين من مظهرها وشكلها وأن تقع عيناه علي كل ما هو جميل مما يجعل السعي الدؤوب لدي المرأة يصب في مصلحته في النهاية - حتي وإن كانت النية غير موجودة لديها - وإن اقتصر الأمر علي مجرد النظر, ولكن السؤال هو ما هي معايير الجمال بالنسبة للرجل؟ وهل توجد معايير أصلا؟ أو ما الذي يريد الرجل أن يراه في امراءته؟


 في تجربة قام بها باحثي  The Journal of Psychology تم توزيع مجموعة صور متنوعة من أشكال وأنواع الأجسام علي مجموعة التجربة من الرجال والنساء لمعرفة تفضيلات كلا من الفريقين. أوضحت النتائج أن النساء دوما ما يبالغون في تقدير ما يفضله الرجل بالنسبة لمظهرهم وجسدهم - خاصة النحافة، ويسلكون الطريق الخطأ لإبراز ما يستهوي الرجل متأثرين بما يُبث إليهم من وسائل الإعلام ودعايات صناعات التغذية ومستحضرات إنقاص الوزن، مما جعلهم يفقدون القدرة علي تحديد المظهر المقبول..

 

بعد عرض مراحل تطور مظهر المرأة عبر القرن الماضي، نصل إلي بعض النتائج، منها أنه في الكثير من الأحيان ارتبط تغير مظهر المرأة بظروف سياسية أو إجتماعية بل وأحيانا بيئية وبيولوجية (في عصور ما قبل التاريخ، امتازت أنثي العصر الجليدي بطبقة سميكة من اللحم واستمرت لفترات طويلة إذ تحولت إلي صفة جينية متوارثة. أثبتت الدراسات الحديثة دور سُمك الجلد في تدفئة الجسم).

 

كما انساقت النساء أو الفتيات وراء الدعاية الإعلامية والمظهر الغربي للجمال مما جعلهم في رأيي يفقدون ما يمكن أن نطلق عليه "الهوية الجسدية،" فتم إختزال مقاييس الجمال في تعريف واحد يسود في فترة معينة ويتبعه العالم مما أفرغ الجمال من مضمونه المتحقق أصلا في التنوع، فالمرأة الجميلة تظل جميلة مهما تغير مظهرها مادامت في الأصل تؤمن بأنها جميلة، فقديما استطاعت المرأة المصرية إبراز جمالها حتي وإن ارتدت "ملاية لف" فذكر الفقيه "ابن الحاج" فى كتابه "المدخل" عن المصريات: " و لهن فى مشيِهن صنعة "..

 

أدي ذلك إلي إصابة البعض بالإحباط لعجزهم عن الوصول إلي ما يظنون أنه السائد والمرغوب حولهم، كما حصر معني جمال المرأة في مظهرها، لا أريد ان أجلس علي منصة التنظير، ولكن إذا سلمنا بأهمية مظهر الأنثي يجب أن نسلم كذلك – حتي من منطلق مصلحتها – بالأهمية الأكبر لطريقة تفكيرها وثقافتها ونظرتها للأمور. هن في حاجة إلي كسر المعتقد السائد بأن الجميلة دوما ما تكون غبية، فلا يوجد أسهل من الإعجاب بالنظر.

 

أما بالنسبة إلي رأي البعض فيما يتعلق بعدم قدرة المرأة على الوصول إلي ما يرغبه الرجل فعلا، فيرجع هذا في الأصل إلي جهل الرجل لما يريده في المرأة، فلا يمنعني كوني رجلا من الإعتراف بأن الكثير من الرجال - تجنبا للتعميم - يريدون من المرأة أن تكون ك"البوكيه" يضم أزهارا متعددة من بساتين مختلفة، وحتي إن احتفظ به فإنه لن يتراجع عن النظر - بمنتهي أريحية الضمير مادام إكتفي بالنظر فقط وعلي إعتبارهن أزهار- إلي أزهار أخري يراها جميلة كذلك، ولكنه لم يستطع أن يضمها إلي بستانه. فالأمر دوما لا يتعلق بما يملكه، وإنما بما لا يملكه. فإذا افترضنا أنها أصبحت جميلة بمظهرها الجديد بالنسبة لشخص واحد، فهناك شخص أخر لم يعد يراها جميلة كالسابق، مما يمحي أثر التغيير.

 

فمادمت تتمتعي بصحة جيدة ومظهر مناسب وتجدي ما يناسبك لترتديه وإذا لم يكن التغيير في الجوهر، فما الجدوي إذن من أي تغيير؟؟

 

--------------------------------------------
’’ الشفاه الجذابة هي التي تتحدث بعطف

العيون الجميلة هي التي تري الخير في الناس

الجسد المتناسق هو الذي يشارك طعامه مع الجوعي

الشعر الجميل هو الذي يسمح لطفل بأن يداعبه

طريقة المشي السليمة تكون مع المعرفة، لكي لا تسيري بمفردك ’’.

- سام ليفينسون (1911-1980)، كاتب وإعلامي أمريكي.

 

’’ يجب أن تخبروا جميع الفتيات الصغيرات أنهن جميلات، حتي وإن لم يكونوا كذلك’’.

- مارلين مونرو (1926-1962).

 

سامر سراج الدين طالب فى الفرقة الرابعة فى كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.


تعليقات