انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: Menna Elshafay
24 يونيو 2016
15597

مسلسل "أفراح القبة" المأخوذ عن رواية للعالمي "نجيب محفوظ" تحمل نفس الإسم، من إخراج "محمد ياسين" الذي إستعان بالكاتبة "نشوى زايد" لكتابة سيناريو و حوار الحلقات منذ بدايتها، حيث إستغنى ياسين عن ١٥ حلقة كتبها السيناريست الشاب "محمد أمين راضي" بعد إعتذاره عن إستكمال كتابة حلقات المسلسل.  

في الواقع إن مدى الإبداع الذي شاهدته في هذا العمل هو ما دفعني لكتابة هذا المقال، فهو من الأعمال النادرة التي لا تجد بها جملة أو مشهد أو كادر  زائد ليس له قيمة أي كما يقال "حشو شرائط" ، فنجد الإبداع متجسد في عظمة أداء جميع الأبطال، و إتقان السيناريو و الحوار إلى جانب الشخصيات المرسومة ببراعة نادرة ، و روعة الديكور و الملابس و التصوير ، الناتجة عن نظرة متميزة للمخرج.

و على الرغم من أن هذا العمل هو "فن" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إلا أنه من منظور ما كشف عن تدهور الحالة الفنية فd مصر و نقص الوعي الفني لدى القائمين عليها و عجزهم عن خلق و تشكيل كيان الفن المصري عامة و السينما خاصة. حيث كان من الخطأ أن يقدم هذا العمل في صورة مسلسل تليفزيوني، فالحقيقة أن المسلسل التليفزيوني عملا فنيا ليس له قيمة فعلية، عبارة عن مجموعة من الحلقات التي لن يعزوا لها قيمة بعد مشاهدتها.

عملا مثل هذا لا يجوز ألا يكون فيلما سينمائيا، فكم الإبداع الموجود في هذا المسلسل كان يجب أن يبروز في صورة سينمائية تخلّد في الذاكرة و في تاريخ السينما المصرية. و كون القائمين على الحالة الفنية المصرية لم يفطنوا لأن عمل مثل هذا قيمته الحقيقية تكمن في تجسيده سينمائيا فهذا دليل على نقص الوعي الفني لدى صناع الفن أنفسهم.  

و إذا نظرنا بعين المراقب سنجد أن بداية تدهور الحالة الفنية المصرية بدأت في سبعينيات القرن الماضي، فعلى الرغم من أن صناعة السينما كانت تسير بشكل جيد و كانت مصر تنتج في العام الواحد كما كبيرا من الأفلام إلا أن نوعية الأفلام المنتجة كانت ضعيفة سينمائيا و بعد ذلك بعقد أو عقدين بالتحديد إختفت "صناعة السينما" من حيث المضمون، و لم تعد مصر تنتج سوى عدد ضئيل من الأفلام سنويا. و إستمر الوضع هكذا وصولا ليومنا هذا  (إنتاج القليل من الأفلام سنويا بالإضافة لردائة المنتج السينمائي)  ففي عام ٢٠١١ رشحت إيران الفيلم الإيراني A Separation "إنفصال نادر عن سيلين" لجائزة الأوسكار فئة أوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، و نجح الفيلم في التصفيات و دخل ضمن اللائحة الأخيرة للترشيحات و فاز بجائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي لهذا العام مع العلم أن هذا الفيلم لم يكن إنتاجا ضخما.

و على غراره نجد فلسطين ترشح فيلم "عمر" للمخرج "هاني أبي أسعد" و الذي وصل للائحة الأخيرة لترشيحات الأوسكار فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية على الرغم من كونها دولة محتلة تعاني أسوأ أنواع الإحتلال!

فأين السينما المصرية من هذا؟

فعلى العكس نرى مصر تتقدم بترشيح أفلام فقيرة سينمائيا لمهرجانات عالمية، ولا أعلم هل هم واعون لفقر هذه الأفلام أم هم الذين فقراء فن و خبرة؟ إذا تحول مسلسل أفراح القبة بنفس فريق العمل و بنفس جودة المسلسل لفيلما سينمائيا سيكون بداية إنتعاش حقيقية للسينما المصريه، و يمكن لمصر أن تجول به مهرجانات العالم بكل ثقة لأنه يشمل جميع العناصر التي تجعله على مستوى المنافسة.


تعليقات