انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سامح خليل
01 فبراير 2015
10886

المقال غير دينى، لا تنخدع  فى العنوان، صديقى القارئ  لكنى فكرت كثيرا فى وضع عنوان يناسب كلامى وكنت على وشك أن يكون هذا العنوان غير لائق وخارج عن الآداب العامة فحمدا لله على هذه النتيجة المُهذبة.

و بدون ان تسألنى سأكون ثرثارا وأخبرك عن سبب هذه الحيرة  وهو فى الحقيقة بالنسبة لى مقارنة جعلت عروقى تنتفض وأحسست بأن دمى يتبخر بداخلها من كثرة غليانه. أحسست بأننى كنت من ملوك هذا العالم و بغمضة عين أصبحت مُباع فى سوق الرقيق لا أملك شيئا إلا جسدى وعملى كى أعيش وآكل وأجد المأوى.

 بعدما كان بيدى كل شئ أصبحت أتلقى فُتات أى شئ  كى أعيش، ولا أحد يتعجب أو يظن أنى مُبالغ حتى أن أعرض عليكم المقارنة. 

المشهد الاول 

الزمن: يوليو 1913

المكان : 6 شارع 101 بالمعادى – القاهرة.

تظهر فى الكدر مصر و هى تفتتح أول محطة تعمل بالطاقة الشمسية فى العالم.  تظهر وهى محمولة على الأعناق وكل العالم يردد اسمها  ويُحييها على هذه النهضة العظيمة فى الطاقة  والضغط على  زر إطلاق عصر الطاقات المتجددة. 

مولت مصر أول مشروع للطاقة الشمسية فى العالم  الذى كان تحت إشراف المخترع الأمريكى "فرانك شومان"  وقامت بتوفير المهندسين المصريين  والعمالة اللازمة والأرض التى تم انشاء المشروع عليها  حيث تم تحقيق نجاح عظيم ظهر فى تشغيل مضخة مائية بقوه مئة حصان تضخ ستة آلاف جالون من الماء فى الدقيقة  وكان يتم استخدامها فى رى مزارع القطن المصرى  وقتها. 

فى  شهر يوليو من عام 2013 الماضى إحتفلت أستراليا بالذكرى المئوية لإنشاء هذه المحطة المصرية كأول محطة فى العالم تعمل بالطاقة الشمسية، وإذا بحثنا فى أرشيف صحيفة "نيويورك تايمز" في عدد ٢ يوليو لسنة  ١٩١٦ سنجد هذا التصريح من العالم فرانك شومان:

"مصر بلا شك هي أفضل مكان في العالم لإنشاء محطة طاقة شمسية حتى يرى العالم المشروع ويقتنع بتشغيله"

انتهى المشهد الاول

 

المشهد الثانى

الزمن: سبتمبر 2007

المكان : الكُريمات على بُعد 90 كيلو متر جنوب القاهرة

بدأ هذا المشهد بظهورالحكومة المصرية  وهى تتعاقد مع شركة ألمانية لبناء محطة طاقه شمسية فى الكُريمات بقدرة إنتاجية تصل إلى 140 ميجاوات حتى تتمكن من تلبية إحتياج ما يقرب من نصف مليون مواطن مصرى من الطاقة وبالفعل قامت الشركة الألمانية بإنشاء المحطة  ومنذ يوليو 2011 دخلت محطة الكريمات فى الخدمه لتغذية الشبكة العموميه بالكهرباء، وكانت فى الصباح تعتمد على الطاقة الشمسية وفى المساء تعتمد على الغاز الطبيعى و كان من ضمن خطط القائمين على  هذه المؤسسه وقتها هو إنشاء محطة كهرباء "كوم أمبو"  لكي تعمل لتخزين الكهرباء لفترات الليل ويتم الاستغناء عن الغاز الطبيعى.

لكن تشاء الأقدار و يتحول المشهد الراقى اللطيف إلى صوره ثابتة تجردت منها جميع ألوانها إلا اللون الأسود وظل يتمدد حتى ان غطى كل جوانبها، فألان محطة الكريمات متوقفة عن الخدمة وخرجت من تغذيه الشبكه العمومية بالكهرباء لأنها تعدت عدد ساعات تشغيلها الذى قامت بتحديده الشركه الالمانية وهو 12 الف ساعة.

والأزمه لا تكمن فى توقف المحطة عن العمل إطلاقا لكن الوحل الذى نحن فيه الآن هو أن المحطة مستمرة فى هذا العُطل نظرا لأن كل مكوناتها صناعة ألمانية ولا يحق للأيدى المصرية التصرف فيها ومن له الحق هم الخبراء الألمان فقط.

 222 مهندس وعامل قائمين على عمل هذه المحطة منتظرين الخبراء الألمان للقيام بأعمال الصيانة.

محطة الكريمات فاقت تكلفتها 2 مليار جنيه مصرى على أمل إنتاج اكثر من 100 ميجاوات من الطاقة الشمسية مع العلم بأنها لم تنتج حتى نصف هذه القدرة التى كانت مصممة لأجلها وفى نهاية المطاف تخرج من الخدمه نظرا لأننا لا نملك حق صيانة شئ ملكنا ويوجد بداخل اراضينا.

بعدما افتتحنا  بوابة الدخول للطاقة المتجددة، نحن الآن نتوسل للغير بتحديد موعد لبدء صيانة محطة خرجت من الخدمة، بعدما كنا الممولين والداعمين وأصحاب الارض وأصحاب الأيدى العاملة، نحن الآن فقراء وعرايا وهم من يرتدى الحرير ويأكل أشهى المأكولات نظرا لأنهم حافظوا على  نعمة الله  وقدروا قيمتها مع العلم أن الفرق بيننا وبينهم كبير فى سطوع الشمس فمصر تقع فى الحزام الشمسى أى أنها تحظى بأكثر عدد ساعات سطوع  شمسى على مدار اليوم يصل الى 11 ساعة أما إذا ذكرنا ألمانيا على سبيل المثال  فأقصى عدد ساعات تشميس لديها  لا يتعدى 5 ساعات.

نفتخر بامتلاكنا  7 آلاف سنة حضارة ونحن الآن بلا أى حضارة، إفتخرنا بكوننا أول من إستخدم الطاقة المتجددة فى العالم  ونحن الان بلا طاقة حتى غير متجددة، عجز الكهرباء يصل الى 8000 ميجاوات وعجزنا يتزايد معه أيضا.

سبب كل ذلك أننا فقراء لتقدير هذه النعمة والمحافظة عليها وتطويرها، حتى ان غاب الله عنا نور الشمس لن يكون بأمر غريب.

و للأسف مع إعتذارى الكامل للجميع اضطُررت أن انهى هذا المشهد بهذه النهاية الهزيلة المُخزيه  لكنى على أمل ببداية قصه جديدة أفضل مما سبق وما هو حالى.

"قدسوا نور الله فى الارض صباحا واجعلوه يضيء سمائه  ليلا"

يتبع.....  


تعليقات