انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: محمود شلبي
18 ديسمبر 2015
13025

لم يتصور أحد في مصر أن المشهد الحالي الكئيب قد يفرز رئيساً ونائباً لاتحاد طلاب مصر يتحدثان عن الطلبة المحبوسين أو يذكران بكل وضوح أن اللائحة الطلابية الحالية تنتقص من صلاحيات الاتحاد, الجميع -وفي مقدمتهم وزارة التعليم العالي- تصور أن الرئيس والنائب لن يخرجا بأي حال من الأحوال عن عباءة النظام خصوصا بعد كمية المخالفات التي شهدتها الانتخابات من استبعاد للطلاب السياسيين أو حتي استبعاد طلاب عاديين بسبب بنود تعسفية في اللائحة.

ولم يتصور أحد أيضاً أن الظهير الطلابي للوزارة الذي نشأ حديثاً تحت اسم "صوت طلاب مصر" قد يمكن هزيمته بهذه السهولة بالرغم من كل الإمكانيات والتسهيلات المتاحة له, بعد أحداث كثيرة فاز عبد الله أنور بمنصب رئيس اتحاد طلاب مصر وفاز عمرو الحلو بمنصب نائب رئيس اتحاد طلاب مصر وهما ينتميان لمعسكر الطلبة وليس معسكر الوزارة أو النظام.


في الحقيقة لم تحدث معجزة حتي يفوز عبد الله وعمرو ولكن هذا الإنتصار جاء نتيجة جهود حقيقية من الحركة الطلابية التي بالرغم من كل ما تعرضت له من تضييق وسحق وتأميم لا زالت حية ولا زالت حرة, ما زال هناك طلبة مؤمنين باستقلال الجامعة وبحرية ممارسة النشاط الطلابي ولو بنسب متفاوتة من جامعة لجامعة ولكن الحد الأدني يظل موجود.

وبشكل غير منظم استطاع هؤلاء الطلاب أن يخوضوا معركة الانتخابات بداية من مستوي الكليات مروراً بمستوي الجامعات وانتهاءاً بمستوي اتحاد طلاب مصر وقرروا أن يختاروا بكل استقلالية من يمثلهم علي مستوي مصر ويمثل حوالي 2 مليون طالب جامعي, لم يلتفتوا لتوجيهات رؤساء الجامعات والأساتذة بانتخاب ممثلين صوت طلاب مصر في منصبي الرئيس والنائب, وقرروا أن يختاروا بكل حرية عبد الله أنور وعمرو الحلو, ربما ظنت الوزارة أن الأمر سهلاً للغاية وأنه بمجرد اتصال تليفوني من رئيس الجامعة أو أستاذ ما لرئيس اتحاد الجامعة سوف يقوم رئيس الاتحاد فوراً بانتخاب ممثلي صوت طلاب مصر!, ولكن أتت إرادة الطلاب بما لا تشتهي الوزارة.


ومنذ لحظة فوز عبد الله وعمرو وتصريحات وزير التعليم العالي تبدو متخبطة للغاية وكأنه يجهر بغضبه لفوز مثل هؤلاء, فتارة يتحدث عن إمكانية إلغاء الانتخابات أو إعادتها بسبب حجة قانونية بالية يعتمد فيها علي أن لائحة 2007 التنفيذية لا تنص علي وجود اتحاد طلاب مصر, وكأن الوزير لا يعلم أن اللائحة التنفيذية السارية هي لائحة 2013 والتي بمجرد صدورها ألغت لائحة 2007.

وتنص لائحة 2013 بشكل واضح وصريح علي وجود اتحاد طلاب مصر ولا شئ يلغيها أو يبطلها إلا حكم من المحكمة الدستورية أو قرار من رئيس الوزراء, وأخذ الوزير يتحدث ويفسر أن لائحة 2007 صدرت بقرار جمهوري وبالتالي فهي تجُب كل ما صدر بعدها مما يؤكد أن الصدمة أنست الوزير تقريباً أن وزارة التعليم العالي ليست جهة فصل في دستورية اللوائح والقوانين. 


وتارة أخري ينتقد وجودهم ويدعي وجود "شكوك في انتماءتهم" بسبب حديثهم عن الطلاب المحبوسين ظلمًا وحديثهم عن حرية التظاهر السلمي داخل الجامعة, ألم يذهب بدران بحصر للطلبة المحبوسين وقابل به وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم؟, أحلال علي بدرانكم وحرام علي عبد الله وعمرو؟!, ألم يتحدث السيسي في إفطار الأسرة المصرية في رمضان الأخير عن وجود بعض الشباب المظلوم في السجن وأنه يأمر بمراجعة حالات الشباب المحبوسين بإستمرار؟, فلماذا لا يعجبك ياسيادة الوزير أن الاتحاد يريد مساندة هؤلاء المظلومين الذين تحدث عنهم رئيس الجمهورية بنفسه؟, وعن التظاهر ألم يكفل الدستور حق التظاهر؟ هل التظاهر للمطالبة بمحاسبة أستاذ يتطاول علي الطلبة -مثلما يحدث كل عام تقريباً في إحدي الكليات- يعد جريمة؟, هل التظاهر لتعديل جداول الإمتحانات بعد فرضها علي الطلبة بدون أخذ رأيهم يعتبر عملاً إرهابياً؟

 

ماهو النموذج الذي تريده الوزارة ليصبح رئيساً أو نائب رئيس اتحاد طلاب مصر؟, بالطبع تريد الوزارة من يرتدون البدل السوداء ولا يفعلون شيئاً سوي التقاط الصور مع الوزير والمسئولين وإذا قرروا فعل المزيد يذهبون في وفد لزيارة قناة السويس الجديدة.


حتي الآن لم تعتمد الوزارة نتيجة انتخابات اتحاد طلاب مصر ووفقاً لتصريحات الوزير فإن اتحاد طلاب مصر مهدد بالإلغاء أو بإعادة الانتخابات لا لسبب إلا لفوز عبد الله أنور وعمرو الحلو, وإقدام الوزارة علي هذه الخطوة -وهو ليس ببعيد عن هؤلاء- سوف يكون جرم جديد في حق شباب وطني خاض تجربة الديمقراطية كما فرضتها الدولة بكل عيوبها فلم يجد إلا إبعاد ظالم من المشهد سوف تكون نتيجته الحتمية بلا شك أن يكفر هؤلاء الشباب بالديمقراطية إلي الأبد وربما يكفرون بهذا الوطن كما كفر كثيرون غيرهم, شباب سوف يري مجهود أسابيع متتالية يضيع بقرار وزاري يعتريه اللامنطق والكراهية لأي تحرك شبابي.


هذا هو المشهد كاملاً بإيجاز, للأسف تمت الانتخابات من بدايتها في شهر نوفمبر الماضي حتي انتهائها في أوائل ديسمبر الجاري في صمت تام وربما كان المشهد العام متجاوزاً لها بشكل أوصل الطلبة لحد الحزن لإحساسهم بعدم اهتمام أحد بهم فلم يسمع عنهم أحد سوي قلة من المهتمين بالشأن الجامعي, ولكن ما زالت هناك فرصة لكل المدافعين عن الديمقراطية وعن الجامعة المصرية للتضامن مع هؤلاء الطلاب في مسيرتهم العسيرة, التضامن مع اتحاد طلاب مصر المنتخب من خلال التدوين ونشر قضيتهم ومعركتهم علي هاشتاج #ادعم_اتحاد_طلاب_مصر الذي يلاقي دعم عديد من الطلاب والشخصيات العامة الآن.


سيتنصر الطلاب ولو بعد حين, بدعمكم لا بمفردهم.


تعليقات