انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: روبير نادر
07 ديسمبر 2015
13418

"بلدنا أم الدنيا، عندنا حضارة فراعنة بقالها ٧٠٠٠ سنة"

بالتأكيد قد سمعت هذه الكلمات من قبل كثيرًا من مُختلف الأشخاص وقرأتها في مُختلف الكتب الدراسية منذ الإبتدائية وحتي التخرج من الجامعة، ولكن هل سألت نفسك يومًا عن تفسير لتمسكنا بهذه العبارة وغيرها من عبارات الإفتخار بماضينا عند الحديث عن حاضرنا أو مستقبلنا؟

 

النوستالچيا تعني الحنين للماضي أو بتعبير أكثر وضوحًا كأنما تنسي الحاضر الذي أنت فيه وتنجذب للماضي القديم لفترة من الوقت.

 

في السنوات الأخيرة زاد الإعتماد علي النوستالچيا بصورة واضحة سواء في الإعلانات كإعلان شركة بيبسي الذي إعتمد بالأساس علي تذكير الناس بشخصيات راحلة لجذب مشاعرهم، وأيضًا إعلان كرانش الذي إعتمد علي تذكير الناس بالمُنتج القديم وربطه بالجديد وقد لاقي الإعلانين قبولًا واسعًا من الناس.

 

أما علي الصعيد السياسي فنجد أننا من المُمكن جدًا أن نربط بين تصريحات وسلوكيات سياسية سواء بالنسبة للقيادات أو عامة الشعب وفكرة النوستالچيا كما سأوُضح بالأمثلة في السطور القادمة.

 

أثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير شاهدنا صورًا لـ "جمال عبد الناصر" في الميادين فكان السؤال ما الرابط بين صورة جمال عبد الناظر وتظاهرات الشعب لإسقاط النظام والمُطالبة بـ "عيش - حرية - عدالة اجتماعية" ؟

 

أثناء الثورة كان يحكم الشعب نظامًا فاسدًا فلم يكن هناك شخصًا ظاهرًا للعامة يستطيع أن يوفر عدالة إجتماعية فلذلك حدث إستدعاء من بعض الأشخاص لصورة جمال عبد الناصر المُترسخة في ذهن العديد من الأشخاص بأنه الشخص الذي قضي علي الأقطاع الزراعي ورفع مستوي المعيشة للعديد من الفقراء والفلاحين.

 

في السنوات الأخيرة بعد الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣ ظهر بوضوح من نبرة خطاب الحُكام أن البلد في حالة حرب علي الإرهاب، هذا الخطاب له أكثر من رد فعل:

أول رد فعل من المُمكن تصنيفه أنه الجيل الذي شهد حرب اكتوبر ١٩٧٣ وحروبًا آُخري بالعامية "شاف يعني ايه حرب" وهذا الجيل يُساند هذه الحُجة -أن البلد في حالة حرب- لذلك لا مجال للمُعارضة ولابد من فعل اي شئ مُمكن لأجل الأنتصار بهذه الحرب.

لذلك في إعتقادي أن الحُكام يقصدون استخدام هذه الكلمة بالذات لعلمهم أن هناك اجيالًا سوف تستدعي مشهد حروب مصر السابقة وتؤيدهم بكل ما أُوتوا من قوة.

 

الرد فعل المقابل لذلك: هو جيل لم يشهد حروب ويتعامل جيل الآباء معهم من منطلق أنهم لا يفهمون ماذا تعني الحرب ولا يدركوا أنهم مطلوب منهم تأييدًا مُطلقًا كما كان الحال في حروب مصر السابقة فهو لم يعش تلك الفترة لذلك فالخطاب ليس بصورة اساسية يستهدفه.

يظهر تمسكنا الشديد بالماضي كمصريين بإحتفالنا حتي بعيد من أعياد الفراعنة كشم النسيم وإحتفالنا ب"ثورة يوليو ١٩٥٢" وإنتصارات "حرب ٦ اكتوبر عام ١٩٧٣" .

لكن لنسأل انفسنا ما اسباب هذا الحنين الشديد للماضي؟

 

يوجد العديد من الأسباب ومنها شعورنا بأن لنا ماضي كان جيد حتي ولو لم يكن أفضل حال ولكنه كان جيدًا وكان حال الناس افضل من حالتهم حاليًا، فيسترجع الناس حالتهم بالماضي كنوع من الهروب من الواقع أو كنوع من الربط بين الواقع والماضي الذي كان جيدًا أو حتي لم يكن سيئًا بالنسبة لهم في محاولة لتحسين صورة الواقع.

 

إفتقارنا لوجود رؤية للمستقبل فنعيش علي سبيل المثال علي ذكري أننا" حضارة ٧ الآف سنة" ولكن ماذا نُقدم نحن اصحاب تلك الحضارة حاليًا للعالم؟، أو ماذا سوف نُقدم لهم مستقبلًا؟

 

فيبدو هنا أن الإرتكان للماضي هو أيضًا مُحاولة للهروب من الخطط المُستقبلية لنا.

الحنين للماضي شعور يكون له آثر جميل داخل الأنسان ولكنه لن يفيده بشئ في الحاضر أو المُستقبل إن إكتفى به كما نفعل أو يفعلون بنا.


تعليقات