انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: محمد عبد اللطيف
08 نوفمبر 2015
12346

1) 

قد تبدو كلمة طيبة تنم عن أحداث جيدة وراحة بال وهدوء، خاصة لأولئك الذين بلغ العمر بهم مبلغ الخضوع وعدم القدرة على مغامرة الإختيار، كلمة ترددت كثيراً على مسامعنا ومازالت تتردد فى كل وقت وأى وقت، ويا للعجب

فكثير من الأحيان إن لم يكن كلها، تنجح تلك الكلمة وتفوز، وعندما تسأل أحدهم لماذا اخترت ذاك أو رفضت هذا فتكون الإجابة لكى (نستقر)!

وتُكرر الأحداث ويكون تقريباً نفس الإختيار وعندما تسألهم مرة أخرى عن سبب الإختيار فتكون الإجابة مرة أخرى لكى (نستقر)!

تشعر أنك تهت فى دوامة زمانية وترى الأحداث حولك تُكرر إلى ما لانهاية ولا تستطيع تغييرها.

فما هو ذلك الاستقرار، الاستقرار الذى يختارونه ولا يحدث!؟

لماذا هم فقط من يرونه ونحن لا نراه!؟

إما أن استقرارهم غير استقرارنا، أو أنه إستقرار مخفى لا تدركه العيون ولا الأبصار!

 

 2)

أعرف رجلاً مستقر.

منذ خرج من رحم أمه وهو مستقر، كأنه إلكترون فى ذرة مشبعة أو عنصر خامل ليس له لون ولا رائحة، قد يكون أكثر استقراراً من غاز الأرجون!, فى الإنتخابات يقول نعم، فى البيت يقول نعم، فى الكلية يقول نعم، فى العمل يقول نعم، من الحضانة إلى المدرسة إلى الجامعة إلى الزواج!

حياة فى قمة الاستقرار،حياة ليس بها تفاعل أو نشاط، ليس بها علاقات أو خبرات، ذلك الرجل وقع فريسة الاستقرار المزعوم، ضيع عمره هباء، أصبحت حياته روتينية بشكل مبكر جداً، وستظل هكذا إلى الممات، لأنه لم يختار استقراره الذى أراد!

 

 3)

دائمًا ما أربط بين كلمة الاستقرار والروتين والخضوع والإجبار، لقد شوهوا كلمة الاستقرا فى عينى وذهنى حتى كرهتها، إستقرارهم مميت لا حياة فيه لا أحبه.

أحب الاستقرار الذى يأتى بعد تجارب وإختيارات حقيقة، بعد صراع بين الأهداف الصعبة، والمغريات السهلة، بين رفض اليسير وإختيار العسير، الاستقرار الذى تجده بعد ما تتوه وأنت تبحث عن نفسك!

الاستقرار الصعب!

نعم قد يكون صعب،ولكنك لست مجبر عليه، والأهم من ذلك أنك أحببته، نعم أحببته وسرت فى طريق قد يبدو لهم ليس له مستقبل أو إفادة، ولكن المهم ما يبدو لك، يبدو لك أنه طريق اللااستقرار فى سبيل استقرار تحبه ولا تتململ باقى حياتك منه!

لا يوجد استقرار دون خيار، إذا لم يكن هناك اختيار فقد خدعوك وقالوا استقرار!

 

 4)

مازلت صغيراً على الاستقرار،أقصد مازلت صغيرا على تحمل الروتين، وأن أكون موظف فى دولة الحياة، وكما يقولون"اللى نبات فيه نصبح فيه"أريد أن أبيت فى شئ وأصبح فى شئ أريد أن أجرب كل شئ،أذهب هنا وهناك، أفعل الخطأ قبل الصواب، لأعرف فيما بعد أنه خطأ!

أعمل هنا شهرين وهناك يومين، أرتشف رحيق تلك الزهرة، أتذوق تمر تلك النخلة بعد تسلقها! وقد يحدث أن أسقط من عليها وأموت!

ولكن ماالضير فى ذلك؟, لقد تذوقت الثمرة!

أكتسب خبرة ومعرفة ومقابل مادى يغنينى عن السؤال، وفى تلك المرحلة الغير مستقرة، أضع استقرارى المستقبلى نُصب عينى بعد زمن معين، استقرارى الذى أريد، استقرارى الذى اخترت, استقرارى الصعب السهل المتعب والمريح.

 

5)

فى عدم الاستقرار حياة, وفى الاستقرار حياة، ولكن شتان بين الحياتين!, إذا أردت أن تستقر يجب أن يكون ذلك بقرارك وبرضائك، لأنك سوف يأتى يوم تقل فيه اختيارتك وتوافق على أشياء دون رضائك بل ستكون مجبر، وتتمنى لو أنك رفضت فى يوم من الأيام عندما كان العمر بين يديك وكانت التجارب والحياة ممكنة،عندما كنت تسطيع أن تقول لا ولست خائفًا من أى شئ ما، فقبل أن يحين ذلك الوقت،أعطى نفسك وقت كافى غير مستقر حتى تستقر فيما بعد!.

أجّل استقرارك لتنعم بحريتك وحياتك، أجّل كل مايضعك مثل تور فى ساقية أو ترس فى مكنة حتى تنتهى مثلما بدأت، دون أن تشعر أو تدرك، خذ وقتك فى الإختيار والتجربة، فى اللقاء والعناق والفراق، خذ وقتك قبل أن يأخذ الوقت منك كل شئ وتصبح لا شئ.

 


تعليقات