سامح خليل أصلها لاتيني، وتعني مجتمع أو مجموعة من الناس اتفقوا أن يعيشوا معاً تحت مجموعة من القوانين، أي أنهم هم من اختاروا العيش تحت ظل تلك القوانين بعد أن اطلعوا عليها، وهذا التعريف لكلمة "كلية" يخالف تماماً ما يحدث في كلية الهندسة، حتى أكون دقيقاً بـشكل أكبر فالحديث سـيكون عن ما رأيته في فرعها بجامعة القاهرة.
أكره البكاء على اللبن المسكوب، فأنا أتفق تماماً مع قول أن الإنسان يتحمل نتيجة خياراته، لكننا نختار حينما نعلم بما سيحيطنا من أجواء وقوانين وبالتالي ما سيترتب على هذا الاختيار، أما في كلية الهندسة فيختار الطلاب دخولها حباً فيها كعلم دون أن يدروا أن ما تقدمه أبعد ما يكون عن العلم، أو لنكن أكثر انصافاً فهو أبعد ما يكون عما سيجدونه في الحياة الواقعية.
كنت ومازلت أعتقد أن الرغبة في الإبداع هي ما تحرك الشخص من أجل الوصول لهدفه، ومتأكد أيضاً أن الإبداع يزداد عندما تتخصص في دراسة ما تحب، وأظن أن الكثير من الذين التحقوا بتلك الكلية كان هدفهم يوماً ما أن يصيروا مبدعين، لكن أن تتحول دراستك إلى مجموعة من الأمور النظرية التي تقتل بداخلك أي ذرة إبداع، فاعلم أنك تحولت لماكينة مبرمجة على الحفظ .
احتجت أكثر من ثلاثة أعوام من أجل أن أحدد ما أريده من تلك الكلية، أو بالأحرى ما تريده هي مني، فأن تأمل في شيء وتصطدم بواقع اخر يجعلك تفقد الثقة في اختيارك، وتحتاج بعض الوقت من أجل أن ترضى بما اخترته، فـ حتى وإن كان اختيارك بُني على أحلام اصطدمت بواقع مرير، ليس أمامك خيار إلا أن ترضى !
لا أطلب الكثير، جل ما أطلبه هو أن تُفعِّل الكلية مسماها فهي تتبع الكليات العملية، تدريب الطلاب منذ عامهم التخصصي الأول على المجال الذي يدرسونه سواء بالمعامل أو بوسائل التعليم المتقدمة أو حتى بتوفير التدريبات الخارجية ليس بالشيء الكثير، لا أطلب إلا استاذاً قادراً على إيصال ما يفيدني بطريقة مبسطة لا اخر يحتل هذا المنصب لمجرد أنه حصل على الدكتوراة، فحصولك على تلك الشهادة المرموقة لا يعني بالضرورة قدرتك على إيصال ما لديك لطلابك، لا أطلب إلا أبسط حقوقي كطالب، إما هذا أو تنوه كلية الهندسة لمن يرغب في الإلتحاق بها أنه لم تعد كلية عملية، فالحفظ دائماً ما يكون أسهل من الفهم !
مهند عرابي تخرج من كلية الهندسة بجامعة القاهرة من قسم الهندسة الكهربائية.
