انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سامح خليل
05 نوفمبر 2014
10318

سامح خليل


المكان: مصر 
الزمان: ٢٠٥٠ 

٣٦ عاماً..٣٦ عاماً بالتمام والكمال مروا منذ عام ٢٠١٤ المشؤوم حين حدثت المأساة وتم قتل كل ما كنا نؤمن به. فاز مرشح الدولة. فاز مرشح الدولة وفرضت الدولة السيطرة على جميع نواحي الحياة. فاز مرشح الدولة واستمر في حكمه حتى الآن وحطم بذلك أرقاماً قياسية عدة في الاستمرار في الحكم. مرت كل تلك الاعوام وأتى الفاسدون الكبار بمن يحل محلهم وربى الثوار الكبار بمن يحل محلهم؛ لم يحدث أي جديد لأن في بلد يمتد تاريخه ٧٠٠٠ عاماُ لا يمكن لـ ٣٦ عاماً أن يمثلوا أي تغيير حقيقي في مجرى الأحداث.

لكن الأزمة ليست في انتصار قوى الظلام على قوى النور - إن جاز الوصف والتعبير - لا، الأزمة ليست في ذلك إطلاقاً لأن المعركة معركة خاسرة من البداية؛ نحن فقط من كنا نوهم أنفسنا بغير ذلك. الأزمة الحقيقية كانت في عدم تعلم قوى المعارضة من أخطائها في الماضي الممتد لـ٤٠ عاماً منذ اشتعال شرارة ما سمي آنذاك بثورة شعبية يؤكد انتهاج الثوار لنفس الطرق والأساليب في المعارضة مع تطوير الدولة العميقة لأساليبها وألاعيبها وبكاء الثوار على اللبن المسكوب. 

في لحظة ما يجب على المرء أن يجلس منفرداً بنفسه ليعيد تقييم أفكاره وقناعاته ولكن متى فعل من سموا أنفسهم قوى ثورية ذلك؟

قامت قوى الثورة بعدة محاولات لإحياء ما سموه هم الثورة منذ النكسة الأولى عند إنتخاب أول رئيس اخواني لمصر، أطلق عليها نكسة لأن السذاجة وصلت بهم للدرجة التي جعلتهم يقتنعون أن رئيس من جماعة الاخوان المسلمين هو مكسب للثورة!! السذاجة وصلت بهم للدرجة التي جعلتهم يقتنعون أنه من الممكن أن يصل إلى حكم مصر من لم يقم ب-"التظبيط" مع السلطة والنظام العميق المتغلغل داخل جميع نواحي الحياة! والسذاجة وصلت بهم للدرجة التي جعلتهم يقتنعون أن التحالف مع "الفلول" من الممكن أن يكون في مصلحتهم. 

كانت آفة ثوارنا السذاجة مثلما كانت آفة حارتنا النسيان على لسان نجيب محفوظ رحمه الله. فالسذاجة هي التي وصلت بالقوى الثورية لأن يتصوروا أن الشرطة والقضاء والإعلام والمخابرات والجيش من الممكن أن يجتمعوا على ما هو خيراً لهم وللثورة. إستمر الثوار في سذاجتهم حتى كشر النظام الجديد القديم عن أنيابه وبدأت عملية إستئصال كل ما هو له علاقة بالثورة من قريب أو من بعيد وهنا ادركوا الكارثة التي وقعوا فيها. استلهم النظام الجديد القديم روح جمال عبد الناصر وبوليسه السياسي حينما كان المواطنون يشكون في بعضهم البعض وأصبح الكل يبحث عن الاخوان..وعن ٦ ابريل..وغيرهم؛ الناس بقت بتبيع بعضها ببلاش يا كابتن مدحت.

كان هناك طرف واحد سارع بتقديم فروض الولاء والطاعة للنظام؛ حزب النور. مثل حزب النور قمة الهبوط السياسي والتخلي الفج عن كل القيم والمبادئ الإنسانية والدينية، ولكن هذا المقال ليس عن حزب النور فالكتابة عن حزب النور مضيعة للوقت ولخلايا المخ التي إن ذهبت لا تعود.

إستمر الثوار في السير بالطرق والأساليب التي كانوا قد ساروا عليها في الماضي ظناً منهم أن ما أتى بثماره سابقاً لابد أن يأتي بثماره لاحقاً؛ فالنظام الذي استحل دم من عارضه سابقاً سيستحل دم من يعارضه لاحقاً ولكن الثوار أنفسهم ارتكبوا نفس الإثم الذي كانوا يلومون عليه الدولة وأذنابها والاخوان أيضاً؛ الثوار بدؤا في تخوين من يعارضهم. ظن الثوار "الهاردكور" أنه لا سبيل للإنتصار إلا بالتظاهر والإعتراض العلني على أفعال النظام؛ التظاهر والإعتصام اصبحوا أمراً من الماضي منذ مذبحة رابعة العدوية إلا طبعاً إذا كانت المظاهرة من أجل تأييد شخص معين بدون ذكر أسماء عبد الفتاح السيسي.

ظهر تيار داخل التيار الثوري (انتمي أنا إليه) أصبح لا يؤمن بالأساليب القديمة للمعارضة ولكن يؤمن بضرورة أن نقوم نحن معشر الثورة بمراجعة أنفسنا وإبتكار أساليب جديدة للمعارضة يعجز النظام عن التعامل معها لأن أن النظام على الرغم من قوته المادية والإعلامية فهو يفتقر لشيء واحد هو أهم ما يملكه التيار الثوري؛ القدرة على مناورة وتكتيكات المناورة والقدرة على الإبتكار. فإن كنا نحن نمتلك كل ذلك فلماذا لا نعمل به؟ لماذا نصمم على ما هو سهل ومريح ويخرج كبتنا الداخلي ولكنه يؤدي بنا للقتل والسحل والإعتقال ثم شماتة الناس فينا؟ ألم يصيبكم الملل؟! ألم يصيبكم الملل من التظاهر ثم الإشتباك مع الأمن والمواطنين الشرفاء والبلطجية، ثم تضميد الجراح، ثم البحث عن الأصدقاء في أقسام الشرطة، ثم إنشاء صفحات على الفيسبوك وعمل هاشتاج لكل معتقل ثم البحث عن محامي يتولى أمر القضية ثم البحث عن من يتولى إرسال الطعام والكتب لهم داخل محبسهم ثم محاولة إيضاح لعموم الناس أن هؤلاء لا ينتموا أصلاً لجماعة الاخوان، ثم السقوط في المعضلة الأخلاقية من حيث التبرير الضمني في تلك الجملة لحبس الاخوان لمجرد كونهم اخوان، ثم التعامل مع الأمر على أنه أمر واقع وأن اصدقائنا مستمرون في الحبس إلى أن يشاء الله غير ذلك ثم الشعور بالعجز والإكتئاب، ثم اللامبالاة ثم الدخول في هذه الدائرة مرة أخرى؟!

كفى!

الثورة لن تنجح بغباء الثوار! الثورة لن تنجح حين ننشغل في معارك فرعية لا طائل منها وهدفها الأساسي هو تشتيت مجهودنا!

الثورة لن تنجح لإنه لا توجد ثورة من الأساس لكي تنجح! إذا اردنا أن نسمي فعل بأنه ثورة فلنقم به إذاً بالطريقة الصحيحة أولاً. وأحيطكم علماً بإن الثورة لا تنتصر بالتظاهر فقط..الثورة تنتصر حينما تستقر في العقول.

أظن كده الرسالة وصلت 

اللهم بلغت اللهم فأشهد


تعليقات