انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سامح خليل
05 نوفمبر 2014
11025


بَعد أن كان يَمتلِك العَديد مِن الأحلام بدايَة مِن الإنتِهاء من المرحَلة الثانويَة مُحقِقاً أعلى الدَرجات حَتى يكون عَلى أعتاب كُلية عظيمَة مِن كُليات القِمَة و تتفاخَر والدتُه بوصول وَلدُها لهذه الكُليَة، وصولاً إلى التطلُع لوظيفَه مرموقَة فى أروِقَه الدولَة المعمورَه ، كان على رأسِ هَذه الأحلام أن يَعِد طِفلاً ذو وَعى مُتَزِن يستَطيع أن لا يَكون شَخص "عادى إبن عادى" ، شَخص يَستَحِق أن يَنال شَرف الإنتِماء لمُصطَلح "الإنسان" ، فكُلنا بَنو أدَم و لكِن قَلما تَجِد فيما بَننا مَن يتَصِف بالإنسانيَة ، إنسان يُقَدر خُطواتُه المٌقبِلَة يسعَى للتقَدُم و تَطوير أدواتُه فى التعامُل مَع كُل ما يُحِيط بِه ، أن يكون إنسان يمتلِك طاقة من الحُب و العِلم و المعرفَة لأن مَن يمتلِك تِلك الطاقَة بمقدِرتُه أن يُأثِر فى مَن حولِه و خَلق مُجتمَع مُحيط بِه يشِع بالتفائُل و القوَة فيتفشى الإشعاع فيما من كٌل فَرد هذه الدائِرَة إلى دوائِر مُختَلِفَة فيتحَقَق هَدفهُم المُنشود بالنهوض.

لكِن إصطدمَت سفينة أحلامُه بالعديد مِن الأسئِلَة ، ما فائِدَة دخُول كُليَة مِما يُدَعى أنها كُليَة قِمَة لمُجَرد براقَه الإسم الزائِفَة؟ هل أنا إنسان سَوى يستَطيع أن يُرَبى نشئ مُعتَدِل المعَاير؟ هل تستطيع فى ظِل ما مَررت بِه من جَهل و التَتلمُذ عَلى أيدى عقول ظلاميَه أن تَنتَقى الخَير مِنُه لتنقِلُه بالتبعيَه لوريث تركيبتك الشخصية؟ إعتيادنا عَلى التعايُش مَع الإنحِطاط المُجتَمعى الذى يَقضى على أى تَطلُعات شَخصيَة التى لا يُصاحِبها بريق المظهَر أو الإسِم ، فإذا أراد الشَخص أن يكون مِن أرباب المِهَن "ميكانيكى ، سباك" تَكُون بدايَة الصِراع مَع الأسرَة ، فالنجاح فى مُجتمَعنا إصطُحِب بعَدد مِن المُصطلحَات دون غَيرِها إن غابت غاب مَعها النجاح دون النظَر إلى حتميَه تكامُل المُجتمَع من عناصِرُه المُختلفَة فنَحن نَعشَق الشَكليات دون مَضمونِها ، فالفَرد العربى بطبيعَة حالِة يمتلِك قُدرَة هائِلَة على تَغير و تَحويل إطار النصائِح و الإرشادات مِن معناها الصَحيح إلى المعنى الأكثر الأريحيَه له فنَحن العرَب أفضَل مَن نتشَدق بالأحاديث الشَريفة دون أن نعرف مقصودها أو الظروف التى قيل فيها الحديث و لكِن التعميم بالجَهل سيد المَوقِف دائِماً أبداً.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" فالحَديث الشَريف يَشِد من قوَة الإنسان و يوضِح قوتُه و عَظمَة أثرُه فى الحياة الدُنيا لأنُه سيُسأل عَنها فى الحياة الأخِرَة ، ولكِننا أتخَذنا مِن الحَديث الشَريف حُجَه سخيفه للخضوع للتشوهات المُجتمعيَة و السُلطويَة ، ظَن الأب أنُه إستناداً لهذا الحديث مسئول أمام الله عَن بيتُه و أبنائُه و لا دَخل له فى أى فِعل يَحدُث خارِج نِطاق منزلُه أو خارِج نِطاق أفراد أسرتُه رافعاً شِعار "مليش فيه يا حمادة" ، نَنطَلِق مِن أنَك فرَضت السيطرة على رعيتَك المتمثلة فى بيتَك و أبنائَك و تجاهَلت تماماً دورك فى المُجتمَع الذى سيعود بالسَلب على رعيتَك و لكِن لِماذا تَترُك رعيتَك فرِيسَة للإنحِلال و مِن المُمكِن أن تَكون أنت شَخصياً سَبب الإنحلال بدايَة مِن "تِف على عمو يا حبيبى" وصولاً إلى "شوف إبن القردة بيعمِل إيه" و إن لَم يكُن الإنحلال صادِر مِنك شَخصياً فجِهاز التلفاز كَفيل بتربيه النشئ أن يَكون فرداً لا يهمُه سِوَى المأكل و الملبس و الغَريزَة إنطلاقاً مِن إعلانات "هترجع جامد يا حامِد" و صولاً إلى "أفندينا بيمزج" ناهيك عَن الأفلام التى تَعكِس وَعى المُجتماعات و "نَحن دون وَعى عَلى الإطلاق" ، كنتيجة للوَعى الصِفرى و الأفلام الإباحيه المتداولة فى دور العرض للعامَة ينطَلق المُتحرشون فى الشوارِع ليُضَيقوا الخِناق عَلى البنات أكثَر فأكثر فهذه البنت لم تَعُد تُعانى من السلطوية الأسريَة فى البيوت العربيَة فقَط ولكِن أصبحَت مُستضعفَه مُستباحه فى شَتى الطُرقات و صوت صَرصور الحَقل يُخَيم عَلى المكان لأن مَن لا يَرتكِب فِعل التحَرُش من أشباه رِجال المُجتمعات العَربيَة تَجِد أحدهُم يُلقى باللوم عَلى الفتاة و الأخَر يُعلق "ميخصنيش ، أنا راجل فى حالى". 

فتجاهُل الأب لِدَورِه المُجتَمعى فى أن يَكوُن راعِياً لكُل ما يُحِط بِه "أسرَة ، منظقة سكنية ، عمل ، وطن" و ينتَفِض لإصلاح ما يراه خاطِئاً بقدر الإمكان دون الإنتكاس للتبرير المُعتاد ، فقَد تناسَى قول الله تعالى "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" ، فإقتصار دور الفَرد عَلى دائِرَة ضيقَة للغايَة يُنقل لَها كُل التشوهات من الذُل و الهوان الذى تربَت عَليه أجيال كثيرَة تراكَم مَعها جَهل بِما أنزَل الله وبِما لَم يُنزِل ، و لِما العَجب فنَحن مَن أبدلنا حَديث الرسول الكريم مِن " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " إلى "خيركُم مَن حَفظ القُرأن و حَفظَه" و نقلنا القُرأن الكريم من عِلم واسِع جِداً يحتوى فى طيات نصوصُه على النصائِح و الإرشادات و السبيل لطريق الحَق أو الفضيلَة فى إيمان صَحيح و تحول إلى مُجَرد نصوص تُحفَظ لمُجَرد إن أكون حافِظاً لقَدر ما من الكِتاب العزيز لكِن دون الإستِعانَة بأى مِن النصوص القُرأنيَة فى الحياة و الإحتِفاظ بِها كَإرث ثقافى فى مُلجدات.

نَحن نَرِث جُرم مُتراكِم مِن أجيال كثيرَة إنجرفت فى أنهار الذَل و إنخرطَت فى الهرولَة خَلف بقايا الأموال التى تُلقى لهِم مِن الحُكام ، الأجيال القادِمَة ستلعَننا كَما نفعَل نَحن بإلقاء اللوم عَلى جيل أبائِنا و لكِن نَحن نَختلِف كثيراً عَن من سبقونا فنَحن نَعرِف مِما نُعانى و علينا الخروج من الدوائِر الصغيرَة المُقيدين بداخِلها إلى نِطاق أوسَع و أشمَل ، يَجب أن يعَرف الإنسان أنه راعى لكُل ما حولُه ولا يُصاب بالعَمى المؤقت عَن الجرائِم التى تُرتكَب مِن حَولِه ليعيش منكوس الرأس فى أمان وَهمى ، علينا أن نُعِد أبنائنا لزمانهُم نُعِدهُم لِما هُم مُقدمِين عَليه مِن تحَديات و صِعاب حَتى يتثَنى لنا المُساعدَه فى بِناء جيل تَحرير الأقصَى..


تعليقات