انشاء حساب



تسجيل الدخول



صورة تعبيرية
كتب بواسطة: عبلة عاطف
23 مايو 2018
13955

كتبت/ عبلة عاطف – آية نادر

مع كل فكرة ملف صحفي نطرحه، تثير انتباهنا شرارة للبدء، ويلفت اهتمامنا ناقوس للشروع في المعالجة، وهذه المرة لاحظنا التواجد الكثيف للمدراس المجتمعية لتعليم اللاجئين في كثير من المحافظات بأنحاء مصر، وما تقدمه من خدمات تعليمية للطلاب المنتسبين إليها من الدول المختلفة مثل؛ سوريا والعراق وفلسطين ودول إفريقيا التي تعاني الحروب، واختفاء سُبل المعيشة.

 

كما لاحظنا الكثافة العددية لكل أعمار الطلاب، وعدم تواجدهم بالمدارس الحكومية المصرية، فكان استنتاجنا أن المدارس المجتمعية ظهرت كحل بديل لمساعدة الطلاب اللاجئين على التعلم، نظراً لصعوبة انضمامهم للمدارس الخاصة وارتفاع تكلفتها، وكذلك عدم وجود فرصة للإلتحاقهم بالمدارس الحكومية ذات المصروفات المنخفضة، لأن أوراقهم لا تستفي شروط الإلتحاق بها.

 

ووضعنا محاور لمعالجة قصص صحفية بالملف وشرعنا في البدء دون تخيل حجم العقبات المواجهة لنا في الطريق، وتوجهنا في بداية العمل إلى مسؤول إعلامي بأحد الجامعات الحكومية المصرية، لنسأله عن تواجد الطلاب اللاجئين بالجامعة ومصروفاتهم الدراسية، وما يحصلوا عليه من خدمات، وما يواجههم من مشكلات في العملية التعليمية، لتكون الإجابة بلهجة غاضبة: "أنا معنديش طلاب لاجئين في الجامعة خالص الطلاب الموجودين وافدين إما بمنح أو مصروفات عادية".

 

في هذا الوقت، أدركت وزميلتي أنها مجرد معلومات غير صحيحة، فلم نتخيل أن العدد الموجود رغم كثافته بمصر لا يمكن أن يلتحقوا بالجامعات المصرية؟ إذن فماذا هو الحل وما مصير تعليمهم الأساسي؟ وإذا إلتحقوا بالمدارس المجتمعية فما مصيرهم عند الرغبة في بدء الدراسة الجامعية؟

 

وتوجهنا فيما بعد لأحد المدارس المجتمعية لتعلم الأفارقة الموجودة بحدائق المعادي، لنتعرف عن كثب على هذا المجتمع الصغير؛ فيلا صغيرة يقنطها ما لا يزيد 20 معلم إفريقي وأوروبي، لتواجدها تحت وصاية مفاوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والكنيسة الكاثوليكية، وطلاب في أعمار ومراحل دراسية مختلفة وكذلك من جنسيات دول إفريقية مختلفة.

 

وبدأنا محاولة التواصل مع أحد المعلمين وهو ما وجدناه صعب للغاية دون وجود سبب واضح أمامنا، يرفضوا التواصل في البداية وأي طريقة للحصول على معلومة تبوء بالفشل، حتى وافق مشدداً على عدم وضوح هويته أو اسمه أو اسم المدرسة أو منصبه.

 

واستطرد فيما تقدمه المدرسة من خدمات لطلابها، وما تقدمه الأمم المتحدة من دعم لها، منوهاً إلى أهم مشكلة تواجه الطلاب معاناتهم العنصرية، فيتردد يومياً ما يزيد عن 15 طالب وطالبة على مكتب الدعم النفسي لما يلاقونه بالشارع وعند التعامل مع الناس من شعور بالاضطهاد.

 

واستكمل حديثه إلينا: "احنا لاجئين لكن إلنا حقوق بأي دولة بنروح فيها بحق الإنسانية والتعامل البشري بين مواطنين العالم، طلابنا ونحن ليس لنا أي ذنب فيما نلاقيه من عدم توافر فرص للدعم والمساندة، ونطرح الحلول البديلة فنعرض للاضطهاد، وللتهديد بغلق الكثير من المدارس غير المعترف بأوراقها لدى الأمم المتحدة في أي وقت".

 

وسيرنا بالمدرسة التي لا يشعر طلابها بالأمان، رغم ما يشعرونه من انتماء لوطن اللجوء الجديد، وتابع حديثه معنا: "نحنا أفراد منتجين بالمجتمع المصري نتعلم ونعمل ونربي أولادنا بحلولنا البديلة فلما الشعور بالتهديد الدائم، ونحنا لسنا عالة على الدولة".

 

وأردف في حديثه: "الاضطهاد يحث كثير من طلابنا عل الإنعزال ونحاول أن ندعمهم نفسياً للتغلب على ذلك"، وأكد أن شعورهم بالعنصرية لا يعد دليلاً أن المجتمع المصري غير مرحب باللاجئين ولكن البعض منهم لا يملك ثقافة الاختلاف والتعايش معها.

 

وتركنا المدرسة مشفقين على ذلك المجتمع الصغير وما يحمله وحده من أعباء الحياة، متجهين إلى غيرها بمنطقة متطرفة بعيدة في نهاية مدينة نصر، لنشاهد شقة صغيرة في حي متواضع لا يزيد عدد غرفها عن اثنين في أصغر حجم ممكن أن يتخيله أحد، بها الكثير من الطلاب، لتدل كافة الدلائل عن عدم وجود أي دعم مادي لها، سوى المصروفات الرمزية التي يدفعها الطلاب.

 

واستقبلنا مديرها بحفاوة يتبعها خوف من إبداء أي معلومة، طلبنا منه الحديث عن المدرسة وحالها والطلاب وما يحتاجونه، فرفض الإستفاضه وذكر اسمه وهوية المدرسة أيضاً، موكداً أنه رفضه بسبب عدم اطمئنانه لما قد يحدث لمستقبل الطلاب من تهديد بالغلق.

 

 ولكن عند سؤاله عن اعتراف الدولة المصرية بهذة المدارس أو إمكانية إلتحاقهم بالجامعات الحكومية، قال إن الأمر مستحيل لأن الطلاب أعمارهم مختلفة فيمكن أن يبدأ دراسته بالمدرسة في سن 15 عام لينتهي ويرغب بالإلتحاق بالجامعة في سن الـ30 وهو أمر غير مقبول بالنسبة لقوانين التعلم المصري.

 

أما عن الإلتحاق بالجامعة فلا يمكن دخول اللاجئين بالجامعة لضرورة استيفاء أوراقهم من السفارة التابعة لدولتهم، والتي بدورها تسقط الجنسية عنهم بمجرد لجوئهم لدولة أخرى، وبالتالي لا تعترف السفارة بوجودهم، ولا توقع على أوراقهم، وبالمثل لا تقبل الجامعة دخولهم، ومن تسمح له فقط بالإلتحاق هم الطلاب الوافدين.

 

لتنتهي جولتنا بتأكد صحة معلومة المسؤول الإعلامي بأحد الجامعات المصرية، عن عدم تواجد لاجئين بالجامعة، وهو أمر صحيح ولكنه قرار غير مقبول، فعدم اعتراف دولتهم بهم يؤدي لعدم اعتراف الجامعات بحقهم في التعليم الجامعي الحكومي، فأين يذهب هؤلاء وهل الحل بتجاهل وجودهم ومشكلاتهم أم بالنظر إليها ومحاولة خلق حلول بديلة.

 

اقرأ أيضًا :

التعليم حق إنساني.. ملف يرصد واقع تعلم اللاجئين بمصر

"المدراس المجتمعية".. حل بديل لتعليم الطلاب اللاجئين بمصر

هل تؤثر العلاقات السياسية على حق اللاجئين في التعليم؟

سألنا طلاب مصريين عن نظرتهم للطلاب اللاجئين.. ماذا قالوا؟

 

 

 


تعليقات