ترجمة مقال “How childhood experiences contribute to the education-health link”، للأستاذ المشارك بكلية الصحة العامة بجامعة جورجيا شانتا ديوب، نقلاً عن موقع "THE CONVERSARTION" الاسترالي.
قالت شانتا إن الترابط بين قطاعين التعليم والصحة يجعلهما وجهين لعملة واحدة، لأن المستفيد من كلاهما بشر، وكلما ارتقى المستوى التعليمي للفرد كلما زاد اهتمامه بصحته وسلامته النفسية.
وتابعت أن على سبيل المثال لا يزال التدخين هو السبب الرئيسي للأمراض والوفايات في أمريكا، وتجد أن أعلى نسبة من المدخنين للأشخاص الحاصلين على شهادات إتمام التعليم في مرحلة الثانوية أو شهادات معادلة، وتقل نسبة المدخنين بين الأشخاص الحاصلين على شهادات إتمام المرحلة الدراسية الجامعية أو الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه العلمية.
وأوضحت أن إرادة الأشخاص للإقلاع عن التدخين تختلف كذلك باختلاف المستويات التعليمية وفقاً للدراسات العلمية، أما الأشخاص البالغين الحاصلين على شهادات دراسية منخفضة المستوى والذين لم يحصلوا على شهادة الثانوية العامة، فقد حصلوا على أدنى معدلات الإقلاع عن التدخين مقارنة بغيرهم من الحاصلين على المستويات التعليمية العليا.
وأضافت أن الارتقاء بمجال الصحة العامة يرتبط بمستوى التعليم في المجتمع للأفراد، لذا يجب أن تركز الجهود الوطنية بالدول على تعزيز الثقافة ومحو الأمية، وزيادة عدد الأشخاص الملتحقين بالمرحلة الجامعية، لأن التعليم والترقي في المستوى الثقافي، واحد من أفضل الطرق لضمان أن تعيش الناس حياتهم بصحة جيدة.
الصحة النفسية للاطفال ترتقي بثقافتهم وتعليمهم
كما ساهم باحثون آخرون في توسيع نطاق البحوث المتعلقة بالعلاقة بين قطاعين الصحة والتعليم، وتوصلت أبحاثهم لنتائج مفادها أن سوء المعاملة وإهمال الأطفال، وما يتصل بهم من ضغوطات يسهم في انتشار الأمراض العقلية بين هذة الفئة مما يضر بالصحة العامة، كما تدفعهم في بعض الأحيان إلى استخدام المواد المخدرة والتعرض إلى مخاطر صحية كالأدمان.
وتؤكد نتائج الأبحاث أن القدرات العقلية والذهنية للأطفال لا تكون متطورة في صورتها النهائية عند ولادته، ويحدث التطور في السنوات القليلة الأولى ثم يستقر في مرحلة الطفولة والمراهقة، لذلك فإن تأثير التوتر والصدمة التي تحدث للأطفال نتيجة الإهمال وسوء المعاملة ليس مرئياً على الفور، ويضع الأطفال في خطر لمشاكلات التنمية المعرفية والاجتماعية والعاطفية صحية، والتي يمكن أن تتداخل مع التعلم.
وأظهرت البحوث أن هذه التجارب السلبية في الطفولة لا تسهم فقط في النتائج الصحية السيئة، ولكنها تؤثر مباشرة على تحصيل الأطفال التعليمي.
وتقول شانتا إن من أجل التصدي الفعّال لمعوقات التعليم باعتباره محدداً اجتماعياً للصحة، يجب أن تشمل بيئات التعلم الموظفين الذين لديهم معرفة بالصدمة وأعراض الصدمة، ومعايير التعامل مع الطلاب، وأن تكون النظم المتبعة بالساحات التعليمية خاصة المدارس التي تتألف من المعلمين، مستعدة لتوفير البيئة الآمنة للأطفال، وبالتالي فإن إيجاد حلول فعالة يتطلب تعاون من الأساتذة بشأن سلامة نفسية الأطفال وما يترتب عليها من سلامة للعملية التعليمية.
وتؤكد أن أحد أهم أشكال التجني على الحالة الصحية للأطفال، بدأت مع الثورة الصناعية الأمريكية في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن التاسع عشر، بانتشار "عمالة الأطفال" في ظروف غير صالحة، أحياناً قد تصل إلى مدة 70 ساعة أسبوعياً.
وبعد محاولات عديدة لتغيير قوانين عمل الأطفال بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أقر الكونغرس قانون معايير العمل العادلة لعام 1938، والغرض من ذلك هو ضمان صحة الأطفال وسلامتهم وتعزيز الرفاهية من خلال المساعي التعليمية، وبينما يحق لكل طفل في الولايات المتحدة الحصول على التعليم الآن، توجد أوجه عدم مساواة في النظم المدرسية.
وعلى الرغم من حق كل طفل في الحصول على تعليم عام في الولايات المتحدة، تظل التفاوتات التعليمية موجودة في الأنظمة المدرسية، وبالإضافة إلى ذلك، يدخل بعض الأطفال المدرسة على استعداد للتعلم، في حين أن البعض الآخر الذين يعانون من سوء المعاملة والإهمال، وغيرها من أشكال الاعتداء ، كما تواجه صعوبات في التعلم والتحصيل الدراسي.
وتابعت أن مجال التعليم يحتاج إلى إدراك المجتمع أن نسبة كبيرة من الأطفال معرضون لاعتداءات ونفسية وبيئة غير مهتمة بعملية تكوين شخصية وتقيم سلوك الأطفال، وأن مشاكل التعلم والسلوك غالباً ما تنتج عن هذة الانتهاكات، مضيفة: "كثيراً ما يُنظر إلى التهرب من المدرسة ومعاملته كشكل من أشكال سوء السلوك دون تحديد السبب الكامن وراء السلوك".
وأكدت أن كل ما ذكرته من تأثيرات سلبية على الأطفال فيما يتعلق بالتعلم، تجعل المجتمع في حاجة إلى مزيد من الاهتمام بالصحة العامة للأطفال في سياق تجارب واقعية، ومن أجل معالجة التعليم كمحدد اجتماعي للصحة، فإن ضمان نجاح الأطفال في التعليم، في الوقت الذي لا يزالون فيه صغاراً يتطلب زيادة الوعي بالمشكلات المتعلقة بمصاعب الطفولة وأثرها على التعلم.
كما أكدت أن الإجهاد الناجم عن الصدمات النفسية الناتجة عن العنف، والإيذاء والعقاب البدني والإهمال، يؤدي إلى تدني النتائج التعليمية مثل التغيب المفرط عن الدراسة، والتسرب من التعليم، ويمكن أن تتداخل المشكلات النفسية للأطفال الناتجة عن سوء المعاملة أيضاً مع التعلم الإيجابي، والحضور في الصف، وتطور المهارات الإتصالية واللغة.
وتباعت أن إهمال الصحة العامة للأطفال يُعد أحد أشكال سوء المعاملة، التي تفتقر إلى الدراسات الكافية لفهم سبب حدوث ذلك، وكيف يمكن أن تؤثر على قدرة الأطفال على التعلم والنجاح التعليمي.
وبالمثل، يتعرض الطلاب الأكبر سناً للخطر الذي يواجه الطلاب في سن الدراسة من العزوف الدراسي وانخفاض مستوى الصحة العامة لهم لما لديهم من سابقة صدمة نفسية في مرحلة الطفولة مما أدى إلى وجود صعوبات في التعليم ما بعد الثانوي.
واختتمت شانتا: "أعتقد أنه يجب على كل من التعليم والصحة العامة العمل معاً من أجل تعزيز وتعزيز بيئات التعلم الإيجابية لجميع الأطفال، لذلك يجب علينا أن نستثمر بشكل جماعي في تلبية احتياجات الأجيال القادمة".
اقرأ أيضًا :
6 أفلام سيطر على نجاحها "الأطفال"