انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سعيد عبدالغنى
07 أغسطس 2015
11763

كتب - يوسف منيع

 

تحدثت في المقال السابق عن نشأة ليبيريا وعن بدايات الحرب الأهلية والتي دامت ما يقرب من الأربعة عشر عاماً, و في هذا المقال سوف أتحدث بشئ من التفصيل حول الأسباب التي دفعت لعملية إصلاح الجهاز الأمني في ليبيريا.

 

نجد أن هناك العديد من العوامل التي تدفع إلي عمليات الاصلاح الأمني خاصة في دول ما بعد الصراعات أو الثورات فعلي سبيل المثال يمكن أن تكون رغبة النظام في إجراء عملية تحول ديمقراطي أو أن تكون هناك عوامل خارجية هي التي تدفع في إتجاه ذلك كما حدث في ليبريا فنجد أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب افرقيا و دول نهر المانو " غنيا- سراليون" إلي جانب ما قامت به الأمم المتحدة في دفع عمليات الإصلاح الأمني, ولكن علي الجانب الآخر لا يجب أن نغفل دور ملشيات الحرب الأهلية فيما بدأته من عنف دفع إتجاه اضطراب الحالة الأمنية في ليبيريا وتعدد الجهات المسئولة عن الأمن سواء كانت رسمية أو غير رسمية.

 

فكما أشرنا في المقال السابق أن الحرب الأهلية الأولي انتهت عام 1997 بعد توقيع ما يقرب من 14 اتفاقية سلام و وقف لإطلاق النار إلا أن مسارات التحول الديمقراطي و الخطة التي تم وضعها للتحلو قد فشلت و كانت تتضمن تلك الخطة ثلاثة خطوات رئيسية نحو التحول و بناء السلام و هم:

* برنامج نزع السلاح و التسريح و إعادة الدمج و التأهيل

* برنامج إصلاح الجهاز الأمني

* و البدأ في تنفيذ عملية تحديد مسببات الحرب الأهلية الأولي سواء كانت سياسية, اجتماعية و ثقافية, و التعامل معها.

 

إلا أن البرنامج الأول لم يكتمل و لم يتم السعي نحو تحقيق البرنامج الثاني و هما أساس تلك المجموعة من المقالات. كما أن نظام تايلور فشل في التعامل مع تيارات الحرب الأهلية الأولي مما أدي الي لظهور فرق جديدة تورطت في الحرب الأهلية الثانية. و كانت تلك هي مقدمات الحرب الأهلية الثانية و التي اشتعلت عام 1999 و استمرت حتي عام 2003 كما أشرنا في المقالة السابقة.

 

و نجد أن العلاقة بين الحرب الأهلية و الإصلاح الأمني هو تورط الأجهزة الأمنية الرسمية في الحرب و قتلها الالاف من المواطنين المدنيين, الي جانب وجود الملشيات المسلحة و التي لا تخضع لسيطرة الدولة و التي كان يجب أن يتم وضع برامج كنزع السلاح و اعادة التأهيل حتي تصبح عملية الإصلاح ممكنة فلا فائدة من إصلاح وإعادة هيكلة القوات الرسمية اذا ظلت هناك جماعات مسلحة تهدد تلك العملية.

 

انتهت الحرب الأهلية في ليبيريا بتوقيع اتفاق السلام الشامل عام 2003 و الذي تم توقيعه في مدينة أكرا في غانا بين كلا من "الحكومة الليبيرية- الأحزاب السياسية- الحركة من أجل الديمقراطية في ليبريا- اتحاد الليبيرين من أجل المصالحة و الديمقراطية", وفق ذلك الاتفاق تم تشكيل حكومة انتقالية لحين اجراء انتخابات عام 2005 و تم تسليم السلطة بعد انتخابات ديمقراطية للرئيس "إلين جونسون سيرليف" في يناير2006.

 

نص الاتفاق علي العديد من الاجراءات التي تهدف إلي إصلاح و إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية فبدأ الاتفاق بوقف اطلاق النار بين الأطراف المتقاتلة, و هو الأمر الضروري في أي عملية إصلاح أمني كانت مقدمتها الاقتتال الأهلي فيجب أن يثق الأطراف المتقالتة في أنه لن يتم التعدي علي أيا منهما من قبل الطرف الآخر و ألا يتم الشعور بأنه هناك تحيز تجاه طرف علي حساب الآخر. الي جانب النص علي وجود قوات دولية لحفظ السلم و هو ما سوف يضمن عدم التحيز و النزاهة حتي تكتمل عمليات الإصلاح.

 

ثم ما يهم هنا ما نص عليه الاتفاق حول عمليات تجميع و نزع السلاح و تسريح و اعادة دمج و تأهيل اجهزة الأمن, و قدد خصص الاتفاق الجزء الرابع فيه للحديث عن إصلاح الجهاز الأمني حيث نصت المادة السابعة علي حل القوات غير النظامية و إصلاح و إعادة هيكلة القوات المسحلة و في هذا الجزء تمت الموافقة علي:

حل جميع القوات الغير نظامية, القوات المسلحة سوف يعاد هيكلتها و تحظي بهيكلة جديدة للمجلس القيادي, الي جانب تقديم تدريبات و معدات جديدة للقوات المسلحة.

 

و نصت المادة الثامنة علي ضرورة إعادة إصلاح الشرطة الوطنية حيث أشارت الي ضرورة إعادة الهيكلة الفورية جهاز الشرطة الوطنية, قوات الأمن الخاصة, و يجب أن تتبني عملية الهيكلة تلك أطر احترم حقوق الانسان و قيم الديمقراطية و اتباع سياسات غير حزبية.

 

وكما أشرت في بدء تلك المقالة فإن الدافع لعلملية التحول تلك اتي من الخارج و بدافع من جهات خارج جمهورية ليبيريا, فنجد أن الأمم المتحدة قامت بدور كبير في عملية إصلاح الجهاز الأمني في ليبريا و في عملية وقف الاقتتال بشكل عام, بدأ تدخل الأمم المتحدة في ليبيريا عام 1992 بعد أن فرض مجلس الأمن قرار بحظر علي السلاح في ليبريا و في عام 1993 أنشأ مجلس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في ليبريا (UNOMIL) و لكن لم تكن بمفردها فقد سبقها أنشأ بعثة حفظ السلام من قبل المنظمة الاقتصادية لدول غرب افرقيا (ECOWAS). و قد تابعت بعثة الأمم المتحدة مؤشرات التحول في ليبريا و كانت تقوم برفع تقريرها اللي مجلس الأمن بجانب متابعة برنامج الجزاءات المفروض علي الحكومة الليبرالية, و قد تم اسناد تلك الولاية للبعثة في مجال اصلاح الأمن حيث نصت علي أن تقوم البعثة بمساعدة الحكومة الانتقالية في ليبيريا بوضع برامج عمل للشرطة الليبرية و برامج تدريب مدنية و المساعدة في تدريبهم الي جانب مساعدة الحكومة الانتقالية بتشكيل قوات عسكرية جديدة و كان ذلك وفق قرار مجلس الأمن بتشكيل تلك البعثة( القرار 1059/2003) , وفي أغسطس 2005 عقدت البعثة و وزارة العدل الليبيرية حوار مجتمعي حول عملية اصلاح القطاع الأمني و كان يهدف الحوار الي وضع رؤية واسعة لاليات الأصلاح الأمني في ليبريا و الاتفاق حول مفهوم الرقابة الديمقراطية علي القوات المسلحة و الأمن1, قد قامت بنشر عدد من القوات لحفظ السلم و الأمن في ليبريا و الاشراف علي تنفيذ بارمج الاصلاح في أغسطس 2007 كان لبعثة المراقبين 15 ألف شخص غير نظامي يتضمنون 207 مراقب عسكري و 1.146 ظابط شرطة, الي جانب 500 موظف مدني دولي و أكثر من 900 فرد تابع للأمم المتحدة من السكان المحلين و 232 متطوع من الأمم المتحدة, ساعدت البعثة بالتعاون مع منظمة الايكاوس و المنظمات العالمية الأخري الحكومة الانتقالية الليبيرية في عملية اعادة بناء القوات المسلحة الليبيرية الي جانب قيام البعثة بتدريب قوات الشرطة الوطنية و قد بدأت عمليات التدريب تلك في عام 2004 من خلال قوات الشرطة التابعة للأمم المتحدة.2 و في 17 سبتمبر 2012 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2066 بشأن الوضع في ليبريا الي أنه قرر تمديد مدة العمل بالبعثة حتي عام 2013 بعدما كان نقرر لها أن تنسحب من ليبريا عام 2007/2010 كما قررت سحب 4200 فرد تقريبا من قوام البعثة يمثلوا أربعة كتائب من أصل سبعة كتائب للبعثة هناك,3 و قد أنخض قوام البعثة حاليا الي الثلث تقريبا 5.948 فردا.


تعليقات