انشاء حساب



تسجيل الدخول



24 يونيو 2015
14616

أحمد البحيري

مقال لـ أحمد البحيري

 

أوَ تَحسبيننى مجنوناً .. قد غطاه بيض الرؤوس؟ ..أم أنك تصدقين أن خضار الثلاث والعشرين ربيعاً قد أتت عليهم كهولة الأيام .. لاشك أنى بمجنون ..أنى فقط أصغيت إلى بلهاء مثلى تعج بهم طرقات وطنى .. وظنى أنى أنا العاقل وأنك الحمقاء .
ياعزيزتى ...
جف ريقى وأنا استجديهم وأناديهم وأتلو الصلوات بين أيديهم أن يكرموا نزلى .. أن يمنحوني كرامتي .. أن يعتبروني كمثل باقى من تحملهم أرض الرحمن .. أو حتى فى بطنها ..فعلى أية حال لى موضع لن أبرحه كنت أحرك أطرافى أو أسكنها متر التراب .
ينعتوني دائماً بالمواطن ..سعدت للحظات بلقبٍ منحونى إياه .. فأنا لم أعد أملك شيئاً سوى لقبي .
أوَتظني أن هذا بالشيء اليسير في بلدي؟ ..
أن تجلسى وتأمنى على نفسِك وذويكِ من غربانٍ تطرق أبوابك ..لا لا ..إنهم يكسرونها .. يحطمونها .. وفى تتمة الأمر ينال من كرامتك وينشر جزع النفس فى روحك .


ياعزيزتى ..
لم أكن لأسقيكِ شراباً فاسداً غلب عليه طفح المجارى ..
لم أكن لأطعمك مرضاً ..
لم أكن لألقيكِ فى مستعمرة الصغار ومفرغة العقول .. قد زينوها بالقلم والكتاب والطبشور .. هم يسمونها مدرسةً ؛ لا هوداة فى الأمر .. احفظى هذا وافعلى هذا ولا تطيعي شيطان خيالك أن تفكرى حتى فى الأمر .. يكفى أن تزييى ورقة إجابتك بما امتلأت به خلايا دماغك من ترهات..
لم أكن لأقتل نفسك وكيانك .. لم أكن لأدعك تسكنين مستعمرتهم .. لا أحب أن تقضى طفولتك وتأتيني في النهاية وأنتي محطمة الآمال وساكنة القيود؛ لن يدعوك تفكري ..
حتى في جامعتك .. كوني كسابقيك .. أو سينال منك العقاب ..
هو سراب ..
وطنك سراب.. كرامتك سراب .. أحلامك سراب .

لم أكن لأدعك تعلنين حضورك البهيج ثم أتولى أنا في موكب الغربان يقتادونى إلى سجون الظلام ..
أنا لم افعل شيئاً يا ابنتى .. لم أفعل شيئا ً
ولن تُسمع صرخاتي ..ولن تنقطع آهاتي .. لن يرحموا قلباً جفت أوردته وتهشمت أوتاده .. لا يقدر حتى أن يغرسها مجدداً فى طين وطن تشققت ثناياه .
هم سيهدرون كرامتي دون عينيكِ .. ولن أقدر حينها أن ألاقيكِ النظرة بالنظرة .. أخشى حينها من بؤس اللقاء وكذب الوفاء .


نعم .. أنا كذّاب !


أنا من أخبرتك أنى سأكون قادراً على تأمين طفولتك بأرجوحة وردية وقلم وكراس .
لم تتلقِ منها إلا الهوان .. ومثلك كمثل الآخرين .. دخلتوها وخرجتوا منها وأنتم صفر البيان .
أنا من أخبرتك أنكِ ستنالين أمن اللقاء .. أني سأكون قادراً قادراً على كفالة كرامتك .. ولكن هنا .. فى وطن .. تهدر كرامتى .. فكرامتك ..


نعم أنا مجنون أني قد سمعت لترهاتهم ..
فقد سئمت من كوني لن أكون قادراً على الحفاظ عليكِ دون أن تلقاكِ رصاصة جاحدة أو تترسّم بين أيديكي قيوداً يسحبوننا بها جميعا ً .


عذراً ياحبيبتي .. لن أكون قادراً على إنجابك .. فوردكِ غالي الثمن .. ونبعى قد جفّ ماؤه ..
لن أشم رائحتكِ الفوّاحة .. ولن نتبادل بسماتنا سويا.. ً
لا جنونا ً ولا عتهاً ولا سُكرا ً .. إنما لضيق حال الروح أشتكي


والآن .. هلم لأقولها ... ياعزيزتى .. تباً لكِ .


تعليقات