انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: محمد عبد اللطيف
13 نوفمبر 2016
14467

1) لم أكن أعلم أن تلك المكالمة من عمي الوحيد، ستكون الأخيرة، أخبرني بأنه يريد رؤيتي، وكررها بشكل مختلف عن كل مرة، كانت أقرب للتوسل من الطلب!

فأخبرته بأن الامتحانات بدأت ولا أستطيع السفر إلا بعد أسبوع!

فما كان رده إلا أن أكد علي أنه يريد أن يراني وقال بصوت ضعيف"حاول ياحبيبي تيجي، حاول" وأكَدت علي عمتي الحضور أيضًا.

في اليوم الثالث، هاتفني شقيقي يخبرني بأن عمي ذهب إلى الرفيق الأعلى، فلم يكن مني إلا أن سافرت في وقتها ولم أبالي بامتحان الغد!

 

 

2) كعادته يقف منتظرًا أصدقائه وحيدًا، دائمًا يتأخرون على موعدهم الذي حددوه!

ولكنه لا يعرف كيف يتأخر مثلهم، يستقبلهم بجفاء لحظي، ثم ما يلبث أن يتبدد ذلك الجفاء ويتحول لبلسم يمر الوقت بسرعة من خلاله.

لكن في تلك المرة، لم يكن هناك بلسم، لم يكن هناك وقت، يتحاشون الرد على اتصاله، لأنهم يعرفون جيدًا أنهم مخطئون، ولا يريدون سماع توبيخه وكلماته اللاذعة التي يستحقونها!

فما كان منه إلا أن غادر غاضبًا مستقل أول سيارة أجرة مارة من أمامه، وكانت تلك آخر سيارة يركبها!

 

 

3) أتوا جميعًا في الموعد المحدد كما أتفقوا، حتى من يتأخر كعادته البليدة أتى في موعده تمامًا، ولكن هذه المرة بدونه، هو معهم، ولكنه أيضًا ليس معهم!

حول جثمانه في المسجد، منهم من يبكي، ومنهم من هو جامد الملامح، ومنهم ومنهم ومنهم....

ولكن الموت سبقهم جميعًا، صلوا عليه ودفنوه، ثم تعاهدوا عند قبره بأن لن يتأخروا عن بعضهم مرة أخرى متلكئين!

 

 

4) لم يكن يعلم أن التزامه بمواعيده قد يودي بحياته، إلا بعد أن تأخر على الطائرة رغُمًا عنه مجرد خمس دقائق بسبب الزحام، خمس دقائق أمدته بعشرين سنة أخرى من الحياة!

وصل المطار بعد أن أقلعت الطائرة بخمس دقائق، تنهد بمرارة، ثم قال بعد أن ملء رئتيه بدخان سيجارته"لعله خير".

وبمجرد عودته إلى المنزل،وجد زوجته تبكي، وما أن رأته حتي تجمدت في مكانها كصنم، والتلفاز يبث حادث تحطم الطائرة!

 

 

5) أخبرتني بأن الأنثى تكره الانتظار، لا تسامح رجل يتأخر عن موعده أبدًا، ولكن من الطبيعي جدًا أن يتأخرن!

وحكى لي أنه أراد أن يلقن أحد زميلاته درس في احترام المواعيد، وقرر أن يحدد لها موعد، ويتأخر متعمدًا، ولكنه لم يستطع!حتى و إن تأخر، فبتأخرها سيصل في موعده!

وحكى لي أيضًا؛ بأنه قد يحدد أكثر من موعد في وقت واحد، لأن من المؤكد أن أحدهم سيتأخر، ومنهم من يلغي الموعد!

وسألته ماذا لو أتى الجميع في موعده، ماذا ستفعل؟ كيف ستقابلهم في نفس الوقت؟

أجاب: إذًا سأتأخر مرة من نفسي! وختم" لا أعرف لماذا يلومني ضميري بمجرد التفكير في التأخر عن موعد ما، لا أعرف!"


تعليقات