انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: روبير نادر
13 أغسطس 2016
12651

منذ عامين في احد محاضراتي بالكلية كان احد الأساتذة يتحدث عن الخامس والعشرين من يناير ولم يتحدث عنها بإعتبارها ثورة .

أتذكر آنذاك ردة فعل زملائي وزميلاتي اللذين هاجموا أستاذ  المادة لهذا السبب .

علي الرغم إنه من الناحية العلمية ليس مقبولًا تسمية تغير سياسي علي إنه ثورة إلا بعدها بسنوات عدة على أساس أن الثورة هي تغيير سياسي واقتصادي واجتماعي وبطبيعة الحال هذا التغيير لن يحدث بين ليلة وضحاها إنما هو يستغرق سنوات عدة.


يوجد عدد غير قليل من مؤيدي التغير السياسي بالخامس والعشرين من يناير ينظرون إليه باعتباره  شئ مُقدس والحدث الذي غير حياتهم بأكملها.

لا خلاف علي أن هذا التغير السياسي كان له دور في تشكيل وعي الأغلبية في الشعب بشكل أو بآخر ولكن هل بحق يُمكن أن نعتبر التغير السياسي الذي حدث في الخامس والعشرين من يناير شئ مُقدس ؟ 


في البداية أريد أن اطرح بعض الأسئلة وأجيب عليها في هذا المقال وهي من هم ممثلي الثورة علي الساحة السياسية ؟ هل الثورة أفادت الكل أم كان لها بعض الأضرار علي طوائف مختلفة من الشعب ؟ 


إذا نظرنا لمُمثلي الثورة فسنجد بالأساس هناك خلاف علي من هم ممثلي الثورة فتارة نجد من يقول إن جماعة الإخوان مُمثلة عنها وتحقق طموحاتها وتارة أُخرى إن الإخوان هم من تسببوا في ضياع الثورة. 


اذا ما تكلمنا بصورة واقعية فسنجد أن هناك فاعلين سياسيين علي الساحة السياسية وهم القوى الإسلامية والقوى العسكرية فمنذ عام ١٩٥٢ يحكمنا قادة من الجيش عدا السنة التي حكمنا فيها د.محمد مرسي كممثل عن القوى الإسلامية وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين. 


ولكن من هم الذين رأيناهم بالميادين ؟

هناك آلاف الشباب الذين خرجوا ليهتفوا ويطالبوا بتنفيذ مطالبهم وهي "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"

إلا أن أولئك الشباب غير مُمثلين بشكل حقيقي علي الساحة السياسية وذلك طبيعي نظرًا لضعف الأحزاب في مصر منذ سنوات طويلة ولذلك فأغلب الشباب الذي شارك بالثورة يُصنف كمعارض للسلطة التي لا تُنفذ مطالبه لأنه لا يشارك في الحكم بأي شكل نظرًا لغيابه و عدم مشاركته بمرشحين حقيقيين في الانتخابات وعدم وجود قائد حقيقي يلتف حوله من شاركوا بالخامس والعشرين من يناير. 


السؤال الآخر والهام هو هل أفادت الثورة الشعب أم كان لها أضرار علي عدة قطاعات منه ؟ 


يرى بعض المؤيدين للخامس والعشرين من يناير إن أعداء الثورة فقط هم من قامت الثورة عليهم فقط ولكن هل هذا صحيح ؟

بالطبع لا ، الثورة هي فعل إنساني فلذلك لها ما لها وعليها ما عليها وليس معنى أن يرفضها بعض الناس أن نصفهم بأنهم "فلول" أو "لصوص ومنتفعين من النظام السابق"

فهناك قطاعات عدة تضررت من الثورة ومن أبرزها قطاع السياحة الذي فقد الآف السياح نظرًا للاضطرابات الأمنية بالبلاد فاصبحوا بلا مصدر دخل يُعتمد عليه في معيشتهم

كذلك أصحاب بعض المصانع الذين تضرروا من الاضطرابات الاقتصادية فأغلقوا مصانعهم وتضرر العاملين بها بالتأكيد ، فالثورة بالتأكيد أضرت بالملايين من المصريين اقتصاديًا وهذا طبيعي جدًا في أي تغيير يحدث في أنظمة الحُكم.

أما عن مؤيدين الثورة فهم ينظرون لها من منظور آخر، فهم ينظروا لها على أساس إنها أقدس حدث في حياتهم وأفضل أيام حياتهم. 

عندما يحضرني أنا شخصيًا الحديث عن الثورة أتذكر مينا دانيال وهو يغني بميدان التحرير وأتذكر الشباب وهم يهتفون للمطالبة بتحقيق العدالة والمطالبة بالحقوق وأتذكر من نزلوا للتظاهرات وقد وضعوا في قلبهم أن تصير البلد أفضل حالًا مما هي عليه ومنهم من قُتل وهو في قلبه هذا ومنهم من قُتل غدرًا

وبالتأكيد لا يمكن أن ننسى كل ذلك ولكن هذه ليست الصورة كاملة فهناك أخطاء وقع فيها المنتمون للثورة والثورة أصلًا كما قلت في السطور السابقة هي حدث إنساني له ما له وعليه ما عليه ويجب أن يكون هناك وعي بهذا لدى الجميع. 

منذ عدة أيام بدأت الدعاية لفيلم اشتباك على أساس أن وجوده بالسينمات واستمراره بها هو نصر للثورة وبالتالي فأي انتقاد أو هجوم علي الفيلم هو معناه معاداة للثورة

وهو غير صحيح فالثورة أكبر من أن تمثل في فيلم وقد يُنتقد الفيلم بالأساس لعدة أسباب منها طريقة الدعاية وبالتأكيد الثورة أكبر من أن تُحيى بشكل تام بفيلم سينمائي وحتي إن كان للسينما دور هام في التأثير علي الناس سياسيًا.

للأسف أن مع ضعف الموجة الثورية حاليًا يتشبث الناس بأي شئ للبرهنة علي أن "الثورة مستمرة" مع عدم إصلاح الأخطاء السابقة التي أضعفت من موقف الثورة ومع الاعتماد علي القوى الناعمة لابد من وجود قوى سياسية علي أرض الواقع وعدم الاكتفاء بالقوى الناعمة فقط.

في النهاية ينبغي أن ندرك أن الثورة هي حدث إنساني له ما له وعليه ما عليه وهي بالتأكيد عندما نستعيد ذكراها نتذكر من وقفوا يطالبون العدل والحق إلى النفس الأخير لكن المهم أيضًا مع ذلك ألا ننسي أن هناك من تضرروا من الثورة وهو ليسوا أعداء لها وأنه لابد من وجود مُمثل للثورة علي الساحة السياسية بدلًا من أن تتحول مطالب الثورة إلى مُجرد شعارات رنانة وليست مطالب يسعى مريديها إلى تنفيذها.

لم تنتهي الثورة ولكن يجب استيعاب الواقع بشكل كامل و ألا ننظر للأمور من بُعد واحد ونغفل بقية الأبعاد.


تعليقات