انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: AhmedNasr
01 أبريل 2015
11204

(1)
أتذكر في أحدي محاضرات الاجتماع السياسي بالكلية كنا نتناقش حول "الاغتراب المجتمعي" للمهاجرين خاصة الجيل الثالث منهم, فعندما يقرر أن يهاجر أحدهم إلي ثقافة جديدة ومجتمع جديد مختلف عما نشأ فيه سيعاني كثيرا محاولا أن يتمسك بما نشأ عليه و يجده معاكسا في مجتمعه الجديد ثم يسعي جاهدًا أن ينشِأ أولاده ( الجيل الثاني من المهاجرين) علي ما نشأ عليه في بلاده و يجاهد أن يجعلهم يتمسكون بعاداتهم و تقاليدهم و قد تتاح لهم فرص السفر بانتظام لموطنهم الأصلي مما يجعلهم أكثر ارتباطا بعاداتهم و تقاليدهم في موطنهم الأصلي, و لكن عندما يأتي الأحفاد ( الجيل الثالث من المهاجرين) يجدوا نفسهم مغتربين عن مجتمعهم الذي يعيشون فيه و عن مجتمعهم الذي يسعي أبائهم للتمسك بعاداته و تقاليده, فلم ينشأو في ذلك المجتمع الذين يريدونهم أن يتمسكوا بعاداته و تقاليده و لم ينشاوا علي كيفية التعامل مع العادات و التقاليد التي يتبعها مجتمعهم الجديد, هم ليسوا أبناء هذا أو ذلك فيصابون بالاغتراب ليس عن مجتمعهم و حسب ،و إنما عن ذواتهم فهم لا يدركون ذواتهم هم مضطربون.
من نحن ؟!!

(2)

قد يكون هذا الأمر طبيعيا في الهجرة اذا تم التعامل مع ادارة الاختلاف و الثقافات بطريقة خاطئة، و لكن  ما هو غير طبيعيا أن تكون مصابا بالاغتراب داخل بلد لم يهاجر منها أحدًا من أهلك ، ويتسبب في نقلك إلي بيئة جديدة و ثقافة و عادات و تقاليد جديدة.
كيف لنا أن نعترب؟
(3)

نشعر باغتراب عندما نرفض مجتمعنا ويرفضنا هو بالتبعية.عندما يريدُينا أن نكون كما يريد لنا فنُصبح أشباه بشر نمارس وظائفنا البيولوجية و نسعي ورائها وفقط، لا نفكر إلا في كيفية الوصول لها و السعي الحثيث لإشباعاها.
من غير المسوح ألا تفكر في شئ اخر عنها.في الحرية.. في المساواة.. في العدل, أو أشياء من هذا القبيل.
فمثلًا إن حاولت المرأة أن تُفكر فى السفر من أجل الارتقاء بتعليمها،أو فى انجاز أعمالها، أو أن تُفكر في شئٍ آخرٍ غير الزواج، إذا قامت المرأة ذلك، يٌنظر إلي فعلها علي أنه رفاهيات و كماليات عن الهدف الأساسي لكونها أنثي .. عن هدفك الأساسي في الزواج في أن يقرن اسمك باسم شخص آخر.
ببساطة، نشعر بالاغتراب لأننا جيلا رفض أن يكون ثورًا في ساقية..أن يكون عملة مختومة في ماكينة أموال و أداة لاشباع وظائف حيوية و فقط, لاننا نرفض أن نسير بجوار الحائط.

(4)

و لأن أغلبنا يشعر بأنه مغتربًا عن ذلك المجتمع، ولأننا فقدنا الأمل – و لو مؤقتا- أن يشهد ذلك المجتمع أي تغير.فقرر معظمنا أن ينشأ ثقوبه السوداء أن ينشأ خنادق يحتمي بها من ذلك المجتمع أن نحافظ بها علي بقائنا كما نحن، ألا نتحول لآلات تسعي لأشباعِ غرائزها, نسعي لخلق مجتمعات بديلة نعيش بداخلها، مجتعات بديلة نعتقد أو نجد أنفسنا في حالة من التصالح معها، وتتصالح معنا، نجتهد في أن نكون أكثر تقبلا لاختلافنا و لاحتياجتنا لأفكارنا.

(5)

قد ترونه هروبًا من الواقع, ولكن لا داعي للشك.نحن نهرب من ذلك الواقع الأليم بالفعل نهرب فعلًا من المجتمع ، من تصنيفاته لنا، من انتقاصهم منا إذا جهرنا باختلافنا عن أفكاره و ازدواجيته الشديدة.. نعم نهرب من إحباطنا و فشلنا في ثورتنا, نهرب حتي نظل أحياءًا أحرارًا ساعين للحفاظ علي آخر ما تبقي لنا منا, نهرب إلي أجل غير مسمي نشعر فيه بقدرتنا للعودة مرة أخري للاشتباك مع ذلك الواقع و ذلك المجتمع، وإلي أن يحين ذلك الوقت .. دامت الثقوب السوداء خير خندق و ملاذ لنا!

يوسف منيع: طالب بالفرقة الرابعة -كلية الاقتصاد و العلوم السياسية جامعة القاهرة.


تعليقات