انشاء حساب



تسجيل الدخول



طالب يهرب من مطاردة قوات الأمن له أثناء مظاهرات طلاب الثانوية العامة 2016
كتب بواسطة: روبير نادر
24 يوليو 2016
16639

“ اتعب نفسك يا حبيبي السنة دي بس عشان تحدد مستقبلك وتستريح بعد كده” 
بالتأكيد سمع اغلب طلاب الثانوية العامة هذه الجملة من أهاليهم لأجل تشجيعهم علي بذل مجهود ، ولكن هذا المنطق زرع الوهم في عقول الملايين من الطلبة بأن الثانوية العامة هي “آخر الدنيا” لذلك يسعى اغلب الطلبة لتحقيق درجات مرتفعة في هذه السنة سواء حققوا ذلك بطرق مشروعة أوغير مشروعة.

 
في شهر سبتمبر الماضي رحلت وزارة المهندس إبراهيم محلب وشغر منصب وزير التربية والتعليم وأُعلن تعيين السيد الهلالي الشربيني وزيرًا للتربية والتعليم وسرعان ما تم اكتشاف وجود حساب للشربيني علي موقع الفيس البوك وفيه كتابات تحوي أخطاء إملائية فادحة وهو ما دعى للسخرية “هناك مسئول في الوزارة تحوي كتاباته علي أخطاء إملائية فادحة إذن هذا الشخص سيكون وزيرًا للتربية والتعليم”.


وعلي الرغم من نفي الوزارة لوجود حساب للسيد الوزير علي الفيس بوك إلا انه سرعان ما تم مسح هذا الكتابات وهنا التساؤل إذا لم يكن هذا حساب الوزير أصلًا فلماذا تم مسح الكتابات فورًا لو لم يكن حقًا الوزير هو المتحكم في الحساب الذي يحمل اسمه ؟ فلذلك منذ بداية عهد هذه الوزارة لا يوجد صراحة وشفافية تكفي في التعامل مع الانتقادات الموجهة لها.


وفي أكتوبر من العام الماضي صدر عن مؤسسة دافوس تقرير عن جودة التعليم في مُختلف دول العالم هذا وقد احتلت مصر المركز قبل الأخير في جودة التعليم علي مستوي العالم فهذا التقرير ببساطة يعكس مدي مستوي التعليم في مصر ومدي اهتمام القيادة السياسية به وربما لو صدر هذا التقرير في هذا العام فسوف ننافس بشراسة علي المركز الأخير خاصة بعد تسريبات امتحانات الثانوية العامة وتأجيل الامتحانات.

 
ومع بداية امتحانات هذا العام فوجئنا بتسريبها علي مواقع التواصل الاجتماعي قبل الامتحانات بعدة ساعات حتي اصبح معظم الطلبة الممتحنين علي علم بالأسئلة والإجابات قبل دخول اللجان ولكن  ما أثار الاستغراب  انه في أول امتحان تسرب امتحاني اللغة العربية والتربية الدينية فاتُخذ قرار بتأجيل امتحان التربية الدينية
 
حتي دار في ذهني مشهد لمحمد هنيدي في أحد أفلامه وهو يتخذ قرارًا وكأنه يقول : “امتحان العربي اتسرب يبقي مش قدامنا إلا حل واحد , نأجل التربية الدينية”. 

 


ومع استمرار تسريب الامتحانات هذا العام لم تلغي أو تؤجل الوزارة معظم الامتحانات ولكن اتخذت القرار فجأة بإعادة امتحان الديناميكا وتأجيل بقية الامتحانات الأخرى ، هذا القرار أثار طلاب الثانوية ضد الوزير والوزارة وتظاهروا لا لأجل تسريب الامتحانات ولكن لأجل إنهائها في موعدها وعدم إعادتها ، لقد وصل الحال بالطلبة إلى اليأس من هذه البلد ومن النظام التعليمي ومن سياسات الوزارة غير المفهومة والفاشلة في التعامل مع تسريب الامتحانات بل ومعاقبة الطلبة لا المسئولين عن تسريب الامتحانات .


ليست هذه التسريبات فقط تساعد علي عدم التمييز بين الطلبة المتفوقين والطلبة غير المتفوقين بل كان هناك لجنة في قرية البداري بأسيوط تحوي أبناء بعض أعضاء مجلس النواب وبعض أبناء المسئولين الآخرين وعلي الرغم من اعتذار رئيس اللجنة بالبداري عن استكمال مهامه لعدم قدرته علي إيقاف الغش علي حد وصفه إلا أن الوزارة ما زالت تُنكر وجود غش بهذه اللجان. 


لا اعرف حقًا الكيفية التي تُفكر بها الوزارة فلم تنجح إطلاقًا في منع تسريب الامتحانات ولا تعترف بأخطائها ولا تحاسب أحدًا بل يدفع الطلاب فاتورة إهمال الوزارة وفشلها، هذا الإهمال لن يتحمله الطلاب فقط بل الدولة كلها فطلاب ربما لم يُكملوا عامهم الثامن عشر اصبح لدي العديد منهم يأس من سياسات الدولة المُمثلة في الوزارة بالنسبة لهم.


غياب الشفافية عن العديد من دوائر صنع القرار بالبلاد ومنها وزارة التربية والتعليم وعدم وجود حلول للمشاكل بل مُسكنات لها لن يحل الأمر بل سيزيده تعقيدًا خاصة علي المدى البعيد ، سوف نصل إلى مرحلة ما لن تجدي فيها الحلول المؤقتة أو "المُسكنات" في التعامل مع المشكلات التي تثير الرأي العام.

 
إذا كان هناك إرادة حقيقية لأن تتقدم البلاد فينبغي الاهتمام بمجال التعليم كمثل اهتمام الدولة بقوتها العسكرية فكلاهما في غاية الأهمية فالأغلبية العظمى من الدول التي حققت تقدمًا سياسيًا واقتصاديًا اهتمت بالتعليم علي عكس الوضع الحالي في مصر الذي يبدو انه لن يشهد اهتمام حقيقي بالتعليم علي المدى القريب علي الأقل.


ببساطة علي الوزارة تحمل فشلها والإعلان عنه ومحاسبة المسئولين الحقيقيين عنه فلا يجب أن تستمر الأمور هكذا فالتعليم هو السبيل الأساسي لتنمية الأمة فمصر لن تصبح “ أم الدنيا و أد الدنيا” إلا بالتعليم وإلا سوف نعيش حقًا في جمهورية الموز كقول نائب مجلس النواب سمير غطاس في تعقيبه علي هذه الأزمة.


تعليقات