انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: سامح خليل
23 مارس 2015
12409

كتبه - يسري محمود

 

نسير لأن الحركة هي طبيعة الأشياء، ونسير لأن السير قدر مقدور، نسير حتى وإن ظننا غير ذلك متوهمين أننا في مكاننا لم نبرحه منذ أمدٍ بعيد.

"مشيناها خطى كُتِبَتْ علينا.....ومن كُتِبَتْ عليه خطى مشاها".*

نعيش الأيام ونتجول في أروقة الزمان بقدر محتوم أزلا ومسطور على جبيننا سلفا.

نمشي جميعا نحو غاية يدركها بعضنا ويغفل عنها البعض الآخر.

نحمل على كواهلنا ما سنُسأل عنه سواء أَوَعَيْنَا ذلك أم لا.

تستغرقنا الحوادث وتُقَرِّبنا من حقائق سرمدية،ننساها في غمرة انشغالنا ولا تنسانا هي، فتنعقد ألسنتنا من الدهشة ووحده القلب يتكلم...يتكلم نزفا من الألم.

لا نعرف كيف ستكون نهاية الطريق ومع ذلك لا نكف عن السيْر فيه.مجبورون على السير يا صديق حتى ولو بقوة الدفع فالكل يدور ويتحرك بدءا من أصغر المخلوقات إلى أكبرها ووحده الإنسان من يستطيع التحكم في سرعة سيْره واتجاهه.

دنيا تسير بنا ونسير فيها ويُسلم كُلٌّ منّا الآخر لنهاية الطريق.

دنيا تُشقينا ونشقى بها وفيها فلا تبحث عن نعيمها لأنك لن تجده.

دنيا نعبُّ منها ولا نرتوي أبدا.

دنيا دنيّة وأنت إذ تركنُ إليها تَبيع نفسك بأبخس الأثمان.

خطواتك محسوبة.

خطواتك محبوسة.

خطواتك ستمشيها وحدك تارة،وبصحبة الآخرين تارة أخرى، والفراق أجلٌ مكتوبٌ إن عاجلا أو آجلا لأن الخطى لابد ستنفد حين يجئ موعد حبسها عن المضي لأبعد مما وصلت إليه فهي قد حُسبت عليك سلفا وما ينبغي لك سوى الإذعان فكن مستعدا للرحيل.

 

(2)

"فينك يا مشواري...يا أبو المشاوير يا مشواري

قريب من خطوتي ولا لسه كتير يا مشواري" **

تتعدد المشاوير ونحن ندور في كل السبل، ونجوس خلال الحكايا فتنطبع آثار أقدامنا على دروب من سبقونا لتمحو بعض آثارهم،ويأبى البعض أن يغادر.

منسيّون .غافلون. لاهون. مجذوبون. محرومون.

منسيّون نحن في نهاية المطاف، مهما بقينا في مركز الصورة، وما الخلود سوى وهم يسيطر على قلوبنا التى ترفض إستيعاب أننا يوما ما سوف نفارق.

غافلون نحن عن موت يرافقنا في كل خطوة ونغض عنه البصر كي لا يُفسد علينا لحظاتنا القليلة.

لاهون نحن عن قوله تعالى:"وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور". ***

مجذوبون  كالفراشات لضوء يغرينا باقتحامه هو نار إن لم ننتبه سقطنا فيها!

ومحرومون نحن في كل الأحوال من نعيم نتوقه ونسعى إليه في دنيانا تلك،ومن حُرم الراحة في دنياه حَرِيٌّ به ألا يُفَوّتها في الآخرة.

(3)

إيابٌ في رحاب القرآن.

 إن لم يكن منه مُبتداك فعطّر به خاتمتك ليس سواه يعيد إليك كل ما فقدته وليس سواه يعوّضك كل ما فات حتى ولو كانت خُطواتك المنثورة بطول الرحلة ونَفْسك المبعثرة في ثنايا الحكايات. أصِخْ سمعك واشرع له بوابات قلبك تجده يتغلغل عميقا بداخلك معيدا لك السكينة والهدوء.

"نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين" ****

مرّوا من هنا في زمان ولّى وانقضى أولئك الذين تقتفي أثرهم.نعم كانوا،ذات يوم بعيد،ملئ السمع والبصر.والآن لا شيء سوى أطيافهم التى تتخايل أمام ناظريك وحدك.

لا شيء سوى حواديتهم التي تشدّك نحوها أنت مدمن التماهي في حكايات الآخرين متعلّلا بسببك العجيب أن الحكايات وحدها تبقى حين يذهب البشرويتبدّل الزمان ويتغير المكان.

فما نحن سوى حكايات تلبس الثياب وتأكل الطعام وتمشي في الأسواق.

نمشي لحيث قُدّر لنا منذ الأزل في عالم الغيب طبقا لما اخترناه بإرادتنا الحرة في عالم الشهادة.لذا نسير نحو قدرنا لأن من كُتبت عليه خطى مشاها.

____________________________________________________________________

* بيت شعر منسوب للشاعر عبد العزيز الدريني وهو مصري من مدينة المنصورة.

** من أغنية "يا مشواري" للمطرب النوبي أحمد منيب.

*** جزء من الآية 85 - سورة آل عمران.

**** الآية 3 - سورة يُوسُف.


تعليقات