انشاء حساب



تسجيل الدخول



الصورة: TIERRA
كتب بواسطة: سامح خليل
01 مارس 2015
17133

كتبه - يسري محمود


(3)
"
مهما كان بُعْدَك هيطوّل
ده أنا قلبي عمره ما يتحول!
هفتكرك أكتر من الأول"

أحب البدء من النهايات فهي تبلور الكثير من الأفكار والمشاعر وتكسر المألوف لذا دعنا ندردش قليلًا ولنبدأ بهذا الكوبليه البديع، والمقطوعة كلها ممتعة وبديعة، ولكن هذا الكوبليه تحديدًا مَنْ جرّني إلى الكتابةِ مُرغمًا.

تستطيع إستبداله بكلمة واحدة  تفيد نفس المعنى ألا وهي "الوفاء".
الوفاء للذكري حتي وإن رحل الشخوص وتركونا وقد غيّبتهم الأسباب العديدة.
ربما "السفر" كما في مقطوعتنا أو الفراق القسري أو (التهجير!) أو حتى الموت..فكلها غياب لأحد الطرفين،وحبل موّدة مقطوع،وشوق ممدود بين قلوب جمعها الحب وفرّقتها نوائب الدهر وتقلّبات الأيام.

مَنْ سيثبت؟ وإلى متى؟
يعلن الفتى بكل شجاعة أنه باقٍ على العهد، وأن قلبه "عمره  ما يتحوّل " وأتعجبُ وأهمسُ لنفسي وهل سُمّي القلبُ إلا لتقلّبه وتحولّه وميله هنا تارة وهناك تارة أخرى!
ولكن هناك قلوبٌ جُبِلت على الوفاء وهم ندرة فإن أعثرَك قدرُك على واحدٍ منها فحافظ عليه أو على الأقل بادله الوفاء وفاءً ولو كان الغيابُ قدرًا مقدورًا!

لا تَفُوتَه وحيدا في غياهب ذكريات عمرك الماضي.أنعشه بالتذكر دومًا واحفظ عهده بالدعاء له.هكذا بالضبط لا يموت الأحبة ولا تندثر سيرتهم ولا يخبو أوار حبهم في قلوبنا.
فما نحن سوى قلب وذاكرة!

"
بس إنت هيهات تبقى فاكرني"
"
بس إنت إياك تقى فاكرني"

يقولها مرة بالكلمة الأولى "هيهات" وهي اسم فعل تعني "البُعْد"، ويعيدها باللفظ "إياك" بمعناها العاميّ لتقريبها من الأذهان فهو يتمني أن يبادله الحبيب الناءٍ إخلاصًا بإخلاص.
أيها البعيد ليتك باقٍ على العهد كما أنا.

وفي نهاية دائرية ممتعة يعود من حيث إبتدأ الشجو والغناء ليختم ترنيمته الوفيّة بكلمات العتاب الممزوجة بعشق لا نهائي!

"
يا مسافر وحدك وفايتني ليه تبعد عني وتشغلني"
؟
وتبقى علامة الإستفهام الأخيرة معلّقة فى فراغ المسافات التى تفصل بين الأحبة تبحث عن إجابة يدور معها كل مستمع تماهيًا وإعجابًا.
وننقسم فمنّا من ينشغل بالبحث عن جواب ومنّا من يبتسم شجوا ثم يذرف دمعا ثم يُلْقِي سُؤالَ قَلْبِه "ليه تبعد عنّي وتشغلني؟"
ليضيف علامة إستفهام جديدة تنبئ عن حكاية تقاطعت مع الكلمات ويبحث أبطالها عن إجابة هاهنا!
 


(2)
"
على نار الشوق أنا هستنى وأصبّر قلبي وأتمنى
على بال ما تجيني وأتهنى
طَمّعْنِي بقربك..
آه وإوعدني.."

يبدو العشق متمكنًا، والصبر طريقٌ مرسوم لا مفر للقلب من السير فيه ولو على جَمْرِ النار متعلقًا بالتمني طمعًا في الوصل واللقاء.
ويا ويح فتىً مقيّدٌ بالوفاء في الإنتظار..

"
خايف الغربة تحلالك والبعد يغير أحوالك
خليني دايما على بالك..
يا مسافر وحدك وفايتني"

لا يجتمع حبٌ وخوفٌ في قلب رجلٍ فإن اجتمعا فقد صرت عاشقًا!
والعشق مرض لمن لا يعلم.
يعذبه شكٌ يتسرب إليه حول إحتمالية بقاء الحبيب على الوعد؛الحبيب المسافر في البلاد المنشغل بعالم آخر.
لذا يجاهد كي يظل في مركز الحدث وبؤرة الإهتمام،معوّلًا على إخلاص ووفاء الحبيب الناءٍ.
 


(1)
"
يا مسافر وحدك وفايتني ليه تبعد عني وتشغلني
ودعني من غير ما تسلم وكفاية قلبي أنا مسلم"

نداء للبعيد الذي قرّر ونفّذ وأعطانا ظهره مفارقًا...وحده!
أو لذاك الذي جرفه التيار بعيدا عنا..وحيدا.
لا حاجة لوداع قبل فراقٍ قلوبُنا مُرغمة عليه ومسلمة به ومستسلمة له فاللاوداع،حينئذٍ،أفضل وسيلة للوداع!

"
دي عينيه دموعها بتتكلم يا مسافر وحدك وفايتني"

حين يمور القلب ويعجز اللسان تتحدث العينان..بإستفاضة!
تعاتب،وتتوعّد،وترجو،وتسامح،وتئن،وتهجو،وتمدح،وتشكر،وتغازل..وهي في كل الأحوال عاشقة لأن عينان لا تهيم عشقًا في وادي الحب لا تستطيع نطقًا.
لأن عينان لا تعشقان..عينان منطفئتان!
 

*الأغنية من كلمات: حسين السيد.
ألحان وغناء: محمد عبد الوهاب.

 


تعليقات