انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: شبكة شفاف
02 فبراير 2016
8312

مقال مشارك في مسابقة شفاف لشباب كتاب المقال 2016 

كتبه - محمد أشرف فرج

 

هو ذاك الحُبٌ الذي لا يعيش تفاصيله إلا اثنان من النُبلاء تسوقهما الأقدار إليه سوقاً، يجتمعا على غير موعدٍ، ويتواصلا عن غيرِ إرادةٍ؛ إذْ أنَّ إرادة الحُب أقوى، وتراهما في وصالهما ينأون بذاتهما عن كُل ما قد يُفسد عِفّة التفاصيل، ويتمسكا بكلِ ما يرتقي بالروح في سُلم الوصل دون أن يلتقيا، وتلك هي عُذريةُ الحُب، هي وصالُ بالروح واعتزالٌ بالجسد.

والجميلُ في ذاك النوع من الحُب أنه يأتيك ولا تأتيه، وتستشعره ولا تستطيع مهما بلغت طلاقتك ودقة ألفاظك أن تُعبر عنه، ومع ذلك يُجبرك فيضُ المعاني في قلبك أن تبوح، فتؤثرُ أن تبوح على أن تُعطه حقه من الوصف، وتظلم المعنى حين تلفظه على غير إرادةٍ منك لكن عزاءك أن قلبك يُعط المعنى حقه كاملاً.

حُبٌ كُتب عليه العُذرية من أول يومٍ، هُنا بَوحٌ ببعض ما حواه ذاك الحُب من معانٍ سرمديةً لا ينقطع مدادها، وذِكرٌ لبعض من رحيق الأمس الذي لا قد لا يُفارق شقوق الذاكرة، وتلاوةٌ لبعض ترانيم ذاك الحُبُ التي لم يسمعها في الأرض إلا اثنان من النُبلاء، هو وهي وفقط.

رُبما يظُنُ الكثيرون أن معاني الحُب بين اثنين قد لا تخرُج إلا في نظرة طويلة، أو في لقاءٍ طويلٍ يطولُ فيه الحديث ويُعرب كلاهما للآخر عمّا يحمله في صدره، لكن ذلك كُله في معاني الحُب قد لا يُساوي شيئاً.

الحُب هو وصالٌ بالروح وارتقاءٌ بها، الحُبُ هو ذاك الوازع الذي لا يزال بقلبك حتى يرتقي به، الحُب أن تحمل قلبين في قلبٍ واحد حتى وإن باعدت بينهما الأمصار، هو نظرةٌ عابرةٌ يُختزلُ فيها ذلك الشوق الذي يعصف بالقلوب حين القطيعة.

الحُب أن تتحد الأرواح وإن اختلفت الأجساد، أن تتكاتف القلوب في رسم الطريق الذي يسيرُ عليه كلاهما ليصل إلى الآخر، أن ترى فيمن تُحب شريكاً لحياةٍ أبدية، أن ترى فيه الحُلم وأن تستمد منه الأمل.

رأيتُ اثنين من الذين كُتب عليهم الحُب كانت نارُ الشوق تُؤجج قلبيهما، تبادلا خمس نظراتٍ عابرة، رنا كلاهما فيها إلى الآخر وكأن دهراً مضى عليه، كلاهُما رأى في الآخر مالم يره في العالمين، هو رأى أن آيات النساء قد اجتمعن فيها، وهي رأت أن الرجال وإن اجتمعن لا يُساويان شيئاً إلى جواره، كلاهما رأى في الآخر شريكاً له في الحُلم وصاحباً في طريقٍ طويل يُدرك كُلاً منهما نهايته، لكن كلاهما آثر أن يُجاهد قلبهُ المسكين على أن يكون للشيطان بينهما سبيل، كلاهما أدرك أن الأرواح تلتقي حتى وان غابت الأجساد، واكتفا بتلك النظرات العابرة إلي أن يتواصلا وصالاً لا ألم فيه.

رُبما تلك هي براءة الطفل فيهما، ورُبما ذاك هو نقاء الفطرة، كِلاهما يُريد شيئاً لا ينتهي، يُريد عطاءاً غير محدود، يُريد حديثاً طويلاً في نظرةٍ عابرة، يُريد صمتاً وعتاباً وقلباً لاهباً يُؤازره بالكثير من المعاني التي تنطق في القلب حتى وان كان السبيلُ إلى ذلك طريقٌ طويلٌ من الألم والجهاد، فأما ذاك فهو حُبٌ كُتب عليه العُذرية.

 


تعليقات