انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: منة الدفراوي
16 يناير 2016
11438

عزيزتي

أعلم إنها مُدة طويلة منذ آخر مرة كنا علي وفاق، وأعلم إنكِ حزينة ولا تجدي تفسيراً لما أصبحت أفعالي عليه في الآونه الاخيرة.

عُذراً, ولكنني يا عزيزتي أهاب الرفض، نعم! أهابه و أمقُته بشدة، فأنتِ لا تعلمي مدي الحزن الذي قد يولده هذا الشعور، فطالما كُنت مرفوضاً، في منزلي ومدرستي وجامعتي وحتي عملي الآن، طالما كان يصاحبني هذا الشعور بالرفض.

وأنا, أنا يا عزيزتي لستُ غريب الأطوار، ولستُ مُريبا كما يزعم البعض؛ أنا فقط مُختلف!, وأي جريمة تلك التي أفعلها كوني أفعل الأشياء علي طريقتي وبأسلوبي؟

أي مُجتمع هذا الذي يفرض علي أفراده طريقة واحدة لحل أزماتُه وأموره؟، أليس أمراً يصيب بالحُزن؟، خلق جيل كامل لا يتمتع بثقافة إختيار ما هو مُناسب لشخصيته؟

 

عزيزتي، طالما أردتُ أن أكون مُختلفًا، مُبدعًا، مُفكراً، مُلهمًا، ولكن شتان بين ما نريد وما نحصل عليه فعليًا، هوجِمت لكوني غير مُكترث بالسيارات وكرة القدم والفتيات وما إلي ذلك وأنا في المرحلة الثانوية وما يُعادلها ذلك لأني رجل في سِن البلوغ وهذا ما وجدنا عليه اباءنا وأجدادنا فلما أحيد أنا عن القاعدة؟

وهوجمت مجدداً كوني لا أريد العمل في مكتب ما بوظيفة مملة، روتينية، لا تغيير فيها، قالوا عني غير مستقر، طائش، لا أعلم ماذا أريد، ربما تكون ظنونهم صحيحة فيما يخص أني لا اعلم ما أريد، ولكن المقابل أنا علي كامل وعي بالأمور التي لا أريدها.

 

عزيزتي، لا أريد أنا أعيش حياتي بنفس رتابة حياة الآخرين، لا أريد العمل في جو ممل غير ممتع بالمرة بالنسبة لي، أريد دراسة ما لم أدرس وقراءة ما لم استطع أن ألم به خلال حياتي الجامعية. لا أريد الزواج من فتاة تجيد الطهي والكي والغسيل؛ لم تكن أبدا تلك طموحاتي في شريكة الحياة -وإن كان جزء الطهي مهمًا جداً- لكنني ـريد تلك "الشريكة" وليست "العروسة" وشتان بينهما، فأنا لا ـريد من تراني "شوال فلوس و برستيچ" لأني من عاني للوصول لما هو عليه الآن و لا أظن ابداً أنني باستطاعتي التفريط فيه لأجل من لا تستحق و تظن أنني علي بابا وأزرع النقود في الباحة الخلفية لمنزلي.

لا اريد إنجاب الاطفال في بيئة أقل ما يقال عنها أنها القاع، لا أريد لأطفالي أن يعانوا من مجتمع متخلف في تفكيره الشخصي و إصداره للأحكام المُسبقة دون إعزاء ذلك لأسباب إقتصادية أو سياسية و ما إلي ذلك.

لا أريدهم أن يعانوا من الرفض بسبب إختلافهم عما يظن المجتمع أنه صحيح، و أريد توفير بيئة خلّاقة و مُبدعة لتربيتهم. عزيزتي، إن كنت أحيد عن ذلك الحلم الذي طالما حلمنا به سويًا فذلك ليس سوي يقيني بأنه أصبح شبه مستحيل في عالم ملئ بالأحكام المسبقة، عالم لا يتقبل الرأي الآخر، ذو إزدواجية في المعايير.

إن كنتِ تتهمينني بالجبن فأنا جبان، نعم! أنا جبان لأنني أخشي الرفض مجدداً، وطالما كنت أكره هذا الشعور، الأمر الذي يجعلني أفكر ألف مرة قبل الإقدام علي أي خطوة إيجابية تجاه أي شخص وأي شئ، الأمر الذي يجعلني أهاب إقتراح الأفكار، أو البوح بالمشاعر، أو حتي المشاركة برأيي في المواضيع العامة.

أنا شخص غير سعيد، شخص يكترث لما يقوله الآخرين بسبب ما تعرض له من إنتقادات سلبية وتعليقات مُهينة في الصغر، وأود لو بإمكاني الإشارة إلي قوة ما يقوله البشر لبعضهم من كلام، خاصة في الصِغر، كلامكم أشبه بالصفعات المُتكررة بسبب أخطاء تافهة، الأمر الذي يولد الشعور بالرهبة والخوف وضعف الشخصية والسلبية وأشياء أشد سوء في بعض الأحيان.

"فلتقل خيراً أو لتصمت"

عزيزتي نفسي، أعتذر منك عما فعلته بِك وعما فعلته بنا الأيام، وأود لو تسامحيني علي ما فات، و لنبدأ بداية جديدة كليًا في السماء عند الله.


تعليقات