انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: عمرو ممدوح
14 يناير 2015
23631

يوسف منيع

  "كن إنسانا أو مت وأنت تحاول" هي أحدي أكثر المقولات انتشارا علي مواقع التواصل الاجتماعي في الفترات الأخيرة. كثيرا ما استوقفني سؤال ساذج وقتها: ألسنا جميعا بشر؟ هل يحتاج أحدنا أن يكون إنسانا؟ هل هناك من يموت و هو لم يصبح بعد انسانا؟

و من سذاجة السؤال اهتديت لإجابة أكثر سذاجة: نعم، من يصمتون على القتل و السحل و الاعتقال لا يتمتعون بالانسانية، من يصمتون على ذلك كله هم من يطلق عليهم بشرا فقط وليست لديهم إنسانية.

لكنها ليست الحقيقة، ليس تصالح أحدهم مع القتل والاعتقال تحت أية دعاوي وحده ما يجرده من انسانيته، فنحن نتجرد من انسانيتنا حينما نري أن هناك بشر اخرين أقل مننا، نتجرد من انسانيتنا حينما نري في الأنثي أداة للمتعة فقط، وعندما نراها مياه و الرجال أبناء الصحراء العطشي للمياه فيبرر لهم التحرش. حينما نري أن الأنثي ليس من حقها المساواة مع الرجل في واجباته و حقوقه بدعوي أن لكل ما يميزه و لكل أعماله، حينها نكون بشرا فقط و نحتاج أن نحاول حتي الموت لنجد انسانيتنا.

نجرد من انسانيتنا عندما ننتقص من مشاعرنا، عندما نصنف المشاعر و التفضيلات البشرية علي جنس بعينه، "لا يجوز لك البكاء فأنت رجل"، "لا تتحدثي بتلك اللغة فأنت أنثي."

عندما نختزل تفضيلات انسانية و مشاعر انسانية في جنس بعينه فنحن بشر فقط ويجب أن نحاول حتي الموت أن نصل لانسانيتنا.

نتجرد من انسانيتنا عندما نتصالح مع قمع أحدهم و قتله لأن مذهبه مختلف، لأن عقيدته مختلفة، "هذا شيعي فليذهب للجحيم" و هذا بهائي "يحمد ربنا أنه عايش وسطنا" و كأن تلك العيشة وسطنا هانئة راضية يعكر صفوها فقط عدم وجود دور عبادة لممارسة شعائرهم بها، و كأنهم آمننين علي أنفسهم في بلدهم التي ولدوا بها و يحملون جنسيتها.

نتجرد من انسانيتنا كلما انتقصنا من فرحة الآخرين، كلما كان مظهرهم حديث يدعي السخرية، عندما نذهب فرحة أحدهم بتعليقاتنا السخيفة حول ملابسهم، حول طبيعتهم الانسانية.

بالطبع تلك ليست كل المواقف و ليست كل حالات تجردنا من انسانيتنا و لكنها أكثرها قربا الي ذهني في الوقت الحالي, و لكن في النهاية: لا تتجردوا من انسانيتكم، لا تهجروا أصلكم، لا تدعوا اختلافاتكم تكون الحكم في معاملاتكم،وفي مواقفكم الانسانية.

الاضطهاد، القمع، التمييز، القتل، الاختطاف القصري، تقسيم المشاعر، والمواقف بين رجل و امرأة، والأحكام البشرية المسبقة التي نطلقها بلا أي حساب واحدة علي الجميع.

 كلها تعديات علي الإنسان الذى مهما كان تصنيفه هو انسان فقط، أي اختيارات أخرى، أي تصنيف آخر يعود لصاحبه فقط، يسأل عنه من ربه و ليس مننا نحن البشر، نحن لسنا آلهة نحكم علي من نريد و ننتهك حرمة حياة من نريد، وننتقص من حقوق و حريات من نريد.

 لسنا آلهة ليس، لأحد مننا ميزة علي الاخر فلأكن انسانا أو أمت و أنا أحاول.

 


تعليقات