انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: إسراء عفيفي
21 ديسمبر 2015
13423

أمسك الكاميرا بيده اليمنى، يحاول ضبط العدسة جيدًا حتى تُصبح الصورة أوضح. 

المكان أشبه بساحة الحرب، النيران تلتهم كل ما يقابلها، الدخان كثيف كون سحابًا ضبابيًا أسود اللون حالكً، تمامًا كالمشهد الذي يراه في عدسته. 

حاول جاهدًا أن يلتقط صورًا تشهد على الأحداث، حاول أن ينقل الحقيقة كما هى دون تزييف، دون تغيير.

 

تلك هي جريمته التي ضاع سنتين من عمره من أجلها دون محاكمة، إنه المصور الصحفي "محمود عبدالشكور أبو زيد" الشهير بـ "محمود شوكان".

 

كان شوكان يعمل لدى وكالة "ديموتكس" الإخبارية كمصور صحفي، وقد تواجد في مكان فض اعتصام رابعة لأداء عمله الصحفي، بعدما ناشدت وزارة الداخلية الصحفيين عبر صفحاتها على الفيس بوك في 14أغسطس 2013 بالتواجد أثناء فض إعتصامي رابعة والنهضة والعمل بحيادية ونقل الصورة كما هي، وللآسف كان شوكان حياديًا!

 

كان شوكان ينقل الأحداث من ناحية الأمن ومعه إثنين من الأجانب (فرنسي، أمريكي) زملائه في العمل أحدهما مُصور والآخر مُحرر، فجأة وبدون أسباب، ألقت قوات الشرطة القبض على شوكان وجردته من معداته، وزميليه وبعض الصحفيين، واحتجزتهم في الصالة المغطاة باستاد القاهرة، ثم أخلت الشرطة سبيل زميليه، وبقى شوكان وبقية الصحفيين محتجزين بالاستاد يومًا كاملاًَ، ثم رحلته إلى قسم أول القاهرة الجديدة، ذاق فيه جميع ألوان التعذيب والإهانات، فضلاً عن تجاهل مهنة شوكان كونه صحفي أثناء التحقيقات، وحضور التحقيق بدون محامي يتولى الدفاع عنه، وجُهت إليه إتهامات تصل عقوبتها إلى الإعدام "التظاهر بدون ترخيص، الشروع في قتل، الإنضمام إلى عصابة مسلحة،التعدي على الأمن، حيازة أسلحة نارية".

 

توالت الترحيلات، من قسم لآخر ومن سجن أبو زعبل العسكري لسجن ليمان طرة دون محاكمة!! 


تجديد يتبعه تجديد، محاولات مضنية من قبل محاميه لإثبات هويته في كونه صحفي ويعمل لدى وكالة إخبارية، ولايزال التجاهل متعمدًا، حتى أن الوكالة أرسلت بيانًا توضح فيه أنه صحفي وكان متواجد بالمكان لأداء عمله ولم تلقِ إلى الآن أي إستجابة.


في أحد المرات التي كانت تحقق فيها النيابة معه في سجن أبو زعبل وجهت له سؤالاً، هل كنت في رابعة؟ أجاب "نعم" فجددت النيابة حبسه 45 يومًا!

 

تتابعت التجديدات دون محاكمة، أُفرِج عن 500صحفي ممن كانوا معه في محبسه على خلفية أحداث فض رابعة، كما أُفرِج عن "عبدالله الشامي" مراسل الجزيرة بعدما تدهورت حالته الصحية نتيجة لإضرابه عن الطعام لمدة 140يومًا.

 

850 يومًا بالسجن، دون محاكمة. 


هل فكرنا في حالته الصحية كيف أصبحت، كيف حاله مع المرض الآن؟ هل إعتاده؟ ربما، حسنًا، ماذا عن حالته النفسية؟! 
ماذا عن أحلامه التي أصبحت سرابًا؟ تأجيل يعقبه تأجيل يعقبه تأجيل.

 

ثم نأتي إلى الحاضرة اسمًا الغائبة دورًا، "نقابة الصحفيين"، أحيانًا اتسائل، النقابة لنا أم علينا؟! ثم أعود إلى رشدي لأتذكر أنها مؤسسة حكومية شأنها شأن كل المؤسسات المصرية التي تسير نحو خطىٌ واثقة من الــ"مالناش دعوة"!

 

ليس هناك أي مبررات لموقف النقابة "المائع" ولايوجد أي أسباب واضحة لتجاهل الإهانات التي يتلقاها الصحفيين يوميًا على كافة الأصعدة والتغطيات الصحفية المختلفة، شوكان لم يكن الصحفي الأول الذي يُحتَجز دون محاكمة ولن يكون الأخير طالما أن هناك نقابة لا تتحرك ولا تتخذ أي خطوات تصعيدية تجاه الصحفيين المحبوسين، بحجة أنهم ليسوا نقابيين!


الأمر مخزي لدرجة قاتلة، نحن نعول جزء كبير من قضايا الصحفيين على النقابة. 


ثم تأتي بالقضية لتنهار على أول سلم من سلالم النقابة، فالمتهم هنا ليس نقابيًا! مع العلم أن الصحفي "الحسيني أبوضيف" لم يكن نقابيًا وله جرافيتي خاص يعتلي جدران النقابة!! مما يعني أن قضية شوكان لم تصبح حتى الآن مادة مناسبة للمتاجرة، وأننا إعتدنا انتظار المصائب لنظهر على كافة الفضائيات ونتشدق بكفاحنا ومسيرتنا في وقف العنف!

 

وأخيرًا، لم أجد أفضل مما قاله شوكان في محبسه مخاطبًا به كل من لايزال يملك في جوفه قلب، من لم يفقد ضميره رغم كل مانواجهه من عفن!
"تمسكوا بحلمي، حاربوا لأجل الصورة، نحن من نصنع التاريخ لا المؤرخون، فالتصوير كما قيل عنه هو إيقاف لحظة من الزمن لتبقى إلى الأبد، ولاتتركوا الكاميرا أرجوكم مهما كلفكم الأمر. صوروا لأجلي!

 

 

* المقال حصل على المركز الخامس في مسابقة شفاف لشباب كُتَّاب المقال 2016


تعليقات