انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: إسراء عفيفي
21 نوفمبر 2015
11429

استيقظ من النوم على صوت التلفاز، ليسمع أصواتًا مُدوية، إنفجارات عنيفة تهُز الضاحية الجنوبية ببيروت، إنفجاران مُتتاليان ببرج البراجنة والشرطة تُسيطر على التفجير الثالث، صرخات المدنيين في كل مكان، سيارات الإسعاف تنتشر لنقل المصابين والقتلى، عشرات القتلى والجرحى في مكان الحادث والأشلاء تتناثر هنا وهناك، الشرطة تحوط المكان وتحاول السيطرة على الوضع وتُطمئن المواطنين.


أمَّا عن الإعلام فلقد وقف المصورين في مكان قريب من الحادث يحاولون نقل الصورة على إستحياء إحترامًا لـ "حُرمة الموت"، حتى نشرات الأخبار والبرامج الحوارية إهتمت بدقة الخبر وتحري الصواب قبل نقل المعلومة حتى وإن كان ذلك على حساب الوقت -السرعة لاتهم- الأمر لايحتمل "الظهور الإعلامي"  واللهث  وراء "السبق الصحفي" فالوضع بات إنساني بحت.

 

هرع إلى هاتفه ليتصفح "مواقع التواصل الإجتماعي" لعله يفهم ما حدث!!، فيس بوك  ويوتيوب يُغيران الشعار إلى "علم لُبنان" ويقفان معها ضد الإرهاب، فإذا بالجميع يُغير صورته إلى علم "لبنان"، الجميع يُردد "صلوا من أجل لُبنان، صلوا من أجل العرب جميعًا".

مازالت المفآجأت تتوالى، إنعقاد مؤتمر بـ "جامعة الدول العربية" لمناقشة مايحدث في لبنان وماتستطيع الدول العربية أن تُقدمه من أجل المساعدة.


للآسف كان حُلمًا، هو لم يكن قد استيقظ بعد!! ، الحقيقة أن العرب جميعًا لم يستيقظوا بعد، جميعهم نيام تركوا ضمائرهم في ثلاجات ولن يفتحوها قبل مائة عام على الأقل!
دولة تضيع تلو الآخرى، ونحنُ نتكاتف جميعًا من أجل "تغيير صورة البروفايل"!!

الحقيقة الأكثر إيلامًا هو أن معظم العرب لايعرفون عن تفجيرات بيروت التي راح ضحيتها 43 قتيلاً وأكثر من 200 جريحًا بحسبِ الإحصائيات الأخيرة، الفاعل واحد في كلا البلدين، لقد أعلنت داعش مسئوليتها عن كلا الحادثين، ما حدث في فرنسا، حدث مثله في لبنان، لكن العرب لم يلتفتوا، فقط قرروا أن يتعاطفوا مع "الماركات" لقد زهدوا "المحلي" ، فالتعاطف مع الغرب "أقيم وأشيك" وربما يؤتي ثماره في القريب العاجل.
التعتيم والتجاهل لم يقتصر على العرب فقط بل الأمر إمتد إلى الدول الفقيرة التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فلقد حدث هجوم على جامعة جاريسيا بكينيا في إبريل الماضي و راح ضحيته 147 طالبًا وأصيب 79، كما وُصِف هذا الحدث بأنه الأسوء في كينيا بعد تفجير السفارة الأمريكية بنيروبي، وعلى الرغم من بشاعة هذا الحادث إلا إن وسائل الإعلام أغمضت عينيها عنه.


السياسة لاتعرف الإنسانية، إنما هى مصالح مؤجلة، والمصالح هنا لاعلاقة لها بالشعوب، فالشعوب هى آخر مايُحسب حسابه، الأمر هنا يتعلق بالحكومات، من باب "قدم السبت تلاقي الحد"!!، حتى إن الأهرامات أبت أن تغيب عن المشهد فباتت تلك الليلة تشع نور العلم الفرنسي المُلون!!، وكم  من ليلة باتت سوريا، وفلسطين، وليبيا، والعراق، وتونس، ولُبنان؛ مُظلمة مُنطفئة جائعة خائفة تنتظر طلوع الفجر !!


أمّاعن الشعوب العربية فقد كُلفت بالدفاع عن الدين الإسلامي ودفع تُهم الإرهاب التي يُحاول الغرب في كل حادثة أن يلصقها به دون وجه حق!!، كما إن إبعاد التهمة بهذه الطريقة لن يجعل فرنسا تُصدق أن الفاعل ليس مُسلمًا ولن تتخلى أبدًا عن السيناريو العدائي الُممنهج ضد المُسلمين في الخارج، فماحدث في 11 سبتمبر سوف يتكرر لأن العقليات لم تتغير والسياسات لم تتغير بل إن الأمر يزداد سوءًا، والقلوب تزداد كُرهًا وعداءًا، تلك النهاية المأساوية لكل حادث تفجير يحدثُ في أوروبا لابُد أن يُختتم بعبارة "الله أكبر" بصوت واضح ومسموع  من الجميع، لن تتغير أبدًا طالما تروق للبعض، ويُصدقها البعض الآخر، والأكثر على يقين بها


بشكل عام لاأحب المُزايدة لكن "الإنسانية لاتتجزأ" على الإطلاق!!، كيف لإنسانٍ ما أن يشمت في أهل بلده وجنسه وربما دينه، ويتعاطف مع شخص آخر بحجة أنه ضحية ولا ذنب له في شئ، إذن ماذنب الآخر الذي قررت أنه مُجرم بلا شواهد ؟!، كنتُ أسمع شماتات أحدهم وسباب الآخر من حينٍ لآخر لأن أحدهم  ذهب إلى مكان ما لُيعبر عن رأيه وهو يرى أنه لايحق له ذلك "إيه إللي وداه هناك"؟!


وأخيرًا أكثر الأسئلةِ إلحاحًا التي باتت تؤرقني، تُرى لو جميلة الجزائر"جميلة بوحريد" تخرج إلينا في أحد وسائل الإعلام ماذا ستقول  للعرب ؟!
هل ستسرد قصة كفاحها ضد الاحتلال الفرنسي للمرة التي لانعرف عددها، لعلهم يتذكروا؟!، ماذا عن جماجم وعظام الجزائريين المدفونة بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس؟!
وماذا عنكم ياعرب؟! ألم تكتفوا أن تكيلوا بمكيالين؟!


تعليقات