انشاء حساب



تسجيل الدخول



كتب بواسطة: محمود شلبي
04 نوفمبر 2015
14168

 لا شك أن الجامعة المصرية تمر الآن بمرحلة عسيرة علي كافة المستويات أبرزها مستوي العمل الطلابي إذ تظهر بوضوح حالة من الفراغ والتصحر داخل الجامعات في مساحة العمل والنشاط الطلابي حتي وصل الحال إلي حد مخيف, وتتعدد أسباب هذا الركود التي من أهمها التضييق من جانب إدارات الجامعات وأجهزة رعاية الشباب علي العمل الطلابي بطيفه الواسع وليس السياسي منه فقط إلي جانب التضييق الأمني أيضاً علي الأنشطة السياسية داخل الجامعات.

وعلي الجانب الآخر أصاب الضعف الشديد معظم الحركات الطلابية التي نشأت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير نتيجة أسباب كثيرة منها ضعف التنظيم داخل هذه الحركات وعدم تنويع الأنشطة بما يلائم الشرائح المختلفة للطلبة مع تبني خطاب سياسي أكثر من كونه طلابي بعد 3-7 الأمر الذي ربما لم يتماشي مع المزاج العام لغالبية الطلبة مما أدي إلي خسارة هذه الحركات لجزء كبير من شعبيتها.

ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للأسر الطلابية العادية فحالة الإنغلاق التي خيمت علي الجامعات أصابتها هي الأخري بالضعف وأصابت المناخ الطلابي بشكل عام بالتبوير والخراب إن جاز التعبير. بإيجاز يتلخص حال الجامعة في هتاف "دقي يا ساعة الجامعة يا حرة علي ليالينا السودة المرة" فالأيام والليالي تزداد سواداً ومرارة علي الطلاب والجامعة لازالت غير حرة وربما ساعتها أيضاً ! 

وبطبيعة الحال انتخابات الاتحادات الطلابية التي سوف تقام في خلال أيام تأثرت تأثراً كبيراً بهذا الكساد الواسع في المجال الطلابي فلا يوجد في المشهد العام للانتخابات أوضح من العزوف وعدم الاهتمام بالاتحادات الطلابية برمتها من جانب الطلبة, وهناك أسباب أخري أيضاً لهذا العزوف منها أن انتخابات الاتحادات الطلابية لم تجر منذ مارس 2013 وبالتالي توجد فرقتين كاملتين في كل كليات مصر لم تشهد انتخابات الاتحاد ولا تعرف شيئاً عنها بالإضافة طبعاً إلي الفرقة الأولي التي التحقت بالكليات في العام الدراسي الحالي مما يعني أن أكثر من نصف طلاب الجامعات المصرية تقريباً لا يعرفون شيئاً عن الاتحادات أو أهميتها بالنسبة لهم.

إضافة إلي ذلك لم تبدي وزارة التعليم العالي أو الجامعات اهتماماً كبيراً بالانتخابات حيث تم الإعلان رسمياً عن مواعيد الانتخابات قبل حوالي عشرة أيام فقط من فتح باب الترشح للانتخابات وهي فترة قصيرة جداً لا تسمح للطلبة بالتجهيز والإعداد للانتخابات ولا تسمح حتي للجامعات بتمهيد المناخ لإجراء الانتخابات بالشكل المطلوب.

ويزداد الأمر سوءاً مع ضعف الحركات الطلابية التي كانت تصنع كثير من الزخم حول العملية الانتخابية من خلال قوائم مرشحيها والدعايا الانتخابية والمنافسة بين بعضها البعض الأمر الذي لم يعد موجوداً بعد تخرج معظم كوادر هذه الحركات.

ومع التضييق المستمر أصبحت الحركات الطلابية تخشي حتي الإفصاح بشكل واضح وعلني عن مرشحيها خوفاً من أن يتم شطبهم من كشوف المرشحين -نظراً لنشاطهم السياسي- بعد وجود بنود مطاطة في المادة الخاصة بشروط الترشح للاتحادات في اللائحة الطلابية الأخيرة التي أصدرها وزير التعليم العالي السابق د.سيد عبد الخالق في نوفمبر 2014 وتعديلاتها التي أصدرها د.أشرف الشيحي وزير التعليم العالي يوم 18 من الشهر المنصرم.

وهذه التعديلات تتيح لإدارات الكليات أن تشطب من تشاء من المرشحين بكل يسر حيث تنص البنود علي أن الطالب المرشح يجب أن يكون له "نشاط طلابي ملحوظ" وهذا البند يسلب حق الطالب في الترشح من الأساس لأنه حتي وإن كان الطالب ليس له أي نشاط طلابي سابق فهذا قد يقلل من كفائته ولكن لا يحرمه أبداً من حقه في الترشح كما لا يعلم أحد ماهو النشاط الطلابي الملحوظ أو كيف يتم إثباته رسمياً؟ وكأن من وضع هذا البند لم يري كيف كان حال الجامعة في العاميين السابقيين وهي بدون أي نشاط طلابي فقرر أن يقيد ترشح الطلاب بممارسة النشاط !

ومع اقتراب مارثون الانتخابات في ظل هذا الوضع الضبابي يصعب الوقوف علي خريطة واضحة للمنافسين من الكيانات المختلفة, ولكن ما يمكن رصده حتي الآن هو وجود ثلاثة تكتلات أساسية في المعركة الانتخابية.

التكتل الأول يتكون من الحركات الطلابية المختلفة مثل طلاب الدستور ومصر القوية والاشتراكيين الثوريين والتيار الشعبي والمصري الديمقراطي الاجتماعي وتخوض هذه الكيانات الانتخابات بدون أن تعلن بشكل صريح عن تحالف واضح ولكن يتضح أنها تقوم علي الأقل بالتنسيق فيما بينها في الكليات المختلفة, والتكتل الثاني يتكون من صوت طلاب مصر وهو كيان طلابي ظهر بشكل مفاجئ بداية العام الدراسي الحالي ولا يعرف أحد عنه شيئاً سوي علاقته القوية بوزارة التعليم العالي وقربه بشكل أو بآخر من دوائر النظام السياسي ومن المرجح بشكل كبير أن يكون هذا الكيان هو الظهير الطلابي للنظام الحالي ويسعي هذا التكتل لضم مجموعة من الطلاب المستقلين وتشبيكهم في قوائم مشتركة تخوض الانتخابات أما بالنسبة لأعضاء الكيان أنفسهم فلا يعرف أحد عنهم شيئاً وليس لهم نشاط ملحوظ داخل أسوار الجامعات حتي الآن, وأما عن التكتل الثالث وهو التكتل الأكبر والذي من المتوقع أن يستحوذ علي غالبية المقاعد في مختلف الجامعات فهو تكتل الطلاب المستقلين أو بصياغة أخري الطلاب الغير منتميين لأي كيانات طلابية وبطبيعة الحال التنسيق داخل هذا التكتل لا يخرج عن إطار الكلية الواحدة أو عن الجامعة الواحدة في حالات قليلة بعكس التكتلين الأول والثاني الذي يشمل التنسيق فيهما التنسيق بين الجامعات وبعضها البعض.

إذاً هذا هو حال الجامعة وانتخابات الاتحادات التي ستجري في خلال أيام قليلة والتي من المتوقع أن تتم في هدوء وبدون إقبال كبير من الطلبة مثل الإقبال الضخم الذي صاحب آخر انتخابات طلابية عام 2013 وهذا أمر منطقي وفقاً لكل المعطيات السابق ذكرها ووفقاً للسياق الذي نعيشه  فالنظام للأسف الشديد مستمر في مصادرة المجال العام وتفريغ الحياة العامة من مضمونها حتي يصبح الطالب لا يكترث بأي شئ يحدث خارج إطار حياته الشخصية.

وبدل من الاستثمار في الطاقات الطلابية والشبابية يزيد تهميشهم وإبعادهم عن المشهد قدر المستطاع ثم نتسائل بكل فجاجة لماذا لا يشارك الشباب ؟!, وفي النهاية نأمل جميعاً أن تساعد هذه الانتخابات ولو بشكل طفيف في إعادة الحياة مرة أخري للجامعة وللعمل الطلابي ويعود الطلاب من جديد يهتمون بالشأن الجامعي وبالشأن العام ويمارسون النشاط بمختلف أنواعه وتعود الجامعة لتخرج كوادر تكون مستقبل هذا البلد.

إذا كنتم تريدون الخير لمصر أحسنوا إلي الطلاب وإلي الجامعة.


تعليقات